(يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت، والحال أنهم (قد أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) فكيف يجتمع هذا والإيمان؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في ذلك، وهذا من إضلال الشيطان إياهم.
(وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) أي: أن الشيطان يريد أن يصد هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الحق والهدى، فيضلهم عنها ضلالاً بعيداً يعني: فيجور بهم عنها جوراً شديداً.
• الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والمراد بالطاغوت هنا: كل ما خالف الشرع.
• قوله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) هذا محل التعجب.
• قوله تعالى (بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهو القرآن.
• والطاغوت: ما تجاوز به العبد حده من متبوع أو معبود أو مطاع، كما ذكره ابن القيم، ويدخل في ذلك التحاكم إلى الهيئات والمنظمات التي تحكم بغير شرع الله، وكذلك التحاكم إلى القوانين الوضعية.
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) الضمير يعود إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول وهم المنافقون من أهل الكتاب.
(تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ) قال الطبري: ألم تر يا محمد إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك من المنافقين، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من أهل الكتاب يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله، يعني بذلك: وإذا قيل لهم تعالوا هلموا إلى حكم الله الذي أنزله في كتابه، وإلى الرسول ليحكم بيننا رأيت المنافقين يصدون عنك، يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم: صدوداً.
(رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) أي: رأيت المنافقين يصدون عنك، يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم (صدوداً).
بخلاف أهل الإيمان الذين قال الله فيهم (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون).
(فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم، واحتاجوا إليك في ذلك.