• ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب، وقلة فهم وعلم، وكثرة جهل وظلم:
(فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) أي: ما شأنهم لا يفقهون أن الأشياء كلها بيد الله؟ وهذا توبيخ لهم على قلة الفهم.
(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) الخطاب لجنس الإنسان، أي: ما أصابك أيها الإنسان من فضل ورزق وصحة ونعم وغير ذلك من النعم فمن رحمة الله ولطفته كما قال تعالى (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ).
• اختلف في المخطاب بهذه الآية، فقيل: الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: لجنس الإنسان.
(وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) المراد بالسيئة هنا ضد الحسنة، أي: وما أصابك ما يسؤوك من قدر الله من خسارة أو موت أو نحوها.
(فَمِنْ نَفْسِكَ) أي: فمن قِبَلك، ومن عملك أنت.
كما قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). قال الحسن: أي: بذنبك.
وقال تعالى (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
• قال ابن تيمية: حين سئل عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ -رضي الله عنه-: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ مَا مَعْنَى ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا الْكَلَامُ يُؤْثَرُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْكَلَامِ وَأَبْلَغِهِ وَأَتَمِّهِ؛ فَإِنَّ الرَّجَاءَ يَكُونُ لِلْخَيْرِ وَالْخَوْفَ يَكُونُ مِنْ الشَّرِّ وَالْعَبْدُ إنَّمَا يُصِيبُهُ الشَّرُّ بِذُنُوبِهِ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).