• قال القرطبي: قال العلماء: ولا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاقُ قومُ أن يُجادل فريق منهم فريقاً عنهم ليحموهم ويدفعوا
عنهم؛ فإن هذا قد وقع على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيهم نزل قوله تعالى (وَلَا تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً) وقوله (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الذين يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ).
والخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمرادُ منه الذين كانوا يفعلونه من المسلمين دونه لوجهين:
أحدهما: أنه تعالى أبان ذلك بما ذكره بعدُ بقوله (هَا أَنْتُمْ هؤلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحياة الدنيا).
والآخر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حكماً فيما بينهم، ولذلك كان يُعتَذر إليه ولا يَعتذِر هو إلى غيره، فدلّ على أن القصد لغيره.
(وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ) أي: اطلب من الله المغفرة.
• قال القرطبي: ذهب الطبري إلى أن المعنى، استغفر الله من ذنبك في خصامك للخائنين؛ فأمره بالاستغفار لما همّ بالدفع عنهم وقطع يد اليهودي، وهذا مذهب من جوّز الصغائر على الأنبياء، صلوات الله عليهم.
• قال ابن عطية: وهذا ليس بذنب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما دافع على الظاهر وهو يعتقد براءتهم.
والمعنى: واستغفر الله للمذنبين من أمتك والمتخاصمين بالباطل؛ ومحلك من الناس أن تسمع من المُتَداعيينْ وتَقضي بنحو ما تَسمع، وتستغفر للمذنب.
وقيل: هو أمر بالاستغفار على طريق التسبيح، كالرجل يقول: أستغفر الله؛ على وجه التسبيح من غير أن يقصد توبة من ذنب.
وقيل: الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد بنو أُبيرِق، كقوله تعالى (يا أَيُّهَا النبي اتق الله)(فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ).