للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ) اعلم أنه تعالى لما حكى عن اليهود أنهم زعموا أنهم قتلوا عيسى -عليه السلام-، فالله تعالى كذبهم في هذه الدعوى وقال (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكن شُبّهَ لَهُمْ) أي: رأوا شبهه فظنوه إياه.

والصلب: أن توضع خشبة على طول جسد المصلوب.

• قال ابن الجوزي: وفيمن أُلقي عليه شبهه قولان:

أحدهما: أنه بعض من أراد قتله من اليهود.

روى أبو صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما اجتمعت على قتل عيسى، أدخله جبريل خوخة لها رَوزنة، ودخل وراءه رجل منهم، فألقى الله عليه شبه عيسى، فلما خرج على أصحابه، قتلوه يظنونه عيسى، ثم صلبوه، وبهذا قال مقاتل، وأبو سليمان.

والثاني: أنه رجُلٌ من أصحاب عيسى، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه، فقال: أيكم يُلقى عليه شبهي، فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقام الشاب، فقال عيسى: اجلس، ثم أعاد، فقال الشاب: أنا، فقال: نعم أنت ذاك، فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، وجاء اليهود، فأخذوا الرجل، فقتلوه، ثم صلبوه، وبهذا القول قال وهب بن منبه، وقتادة، والسدي.

• واختار الطبري أن الشبه ألقي على جميع من كان مع عيسى فقال: قال الطبرى: وأولى هذه الأقوال بالصواب، أحدُ القولين اللذين ذكرناهما عن وهب بن منبه: من أن شَبَه عيسى ألقي على جميع من كان في البيت مع عيسى حين أحيط به وبهم، من غير مسألة عيسى إياهم ذلك، ولكن ليخزي الله بذلك اليهود، وينقذ به نبيه عليه السلام من مكروهِ ما أرادوا به من القتل، ويبتلي به من أراد ابتلاءه من عباده في قِيله في عيسى، وصدق الخبر عن أمره. أو: القول الذي رواه عبد الصمد عنه.

• وقال البغوي: وذلك أن الله تعالى ألقى شَبَه عيسى عليه السلام على الذي دلّ اليهودَ عليه، وقيل: إنهم حبسوا عيسى عليه السلام في بيت وجعلوا عليه رقيبًا فألقىَ الله تعالى شبه عيسى عليه السلام على الرقيب فقتلوه، وقيل غير ذلك، كما ذكرنا في سورة آل عمران.

(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ) يعني في قتل عيسى وهم اليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>