قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ).
وسئل بعض الأعراب عن وجود الله فقال: إن البعر ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج ألا يدل على وجود اللطيف الخبير.
جسمك وروحك فيه من الآيات ما يبهر العقول.
وقيل: مأخوذ من العِلم، لأن هذا الخلق لا يصدر إلا عن علم ومعرفة بأحوالهم.
• العالمين: تطلق أحياناً ويراد به الإنس والجن:
كما قال تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً).
وأحياناً تطلق على البشر:
كقوله تعالى (أتأتون الذكران من العالمين).
• قال بعض العلماء: واعلم أن تربيته تعالى مخالفة لتربية غيره، وبيانه من وجوه:
الأول: أنه تعالى يربي عبيده لا لغرض نفسه، وغيره يربون لغرض أنفسهم لا لغرض غيرهم.
الثاني: أن غيره إذا ربى فبقدر تلك التربية يظهر النقصان في خزائنه وفي ماله وهو متعال عن النقصان والضرر، كما قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ).
الثالث: أن غيره من المحسنين إذا ألح الفقير عليه أبغضه وحرمه ومنعه، والحق تعالى بخلاف ذلك، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء).
الرابع: أن غيره من المحسنين ما لم يطلب منه الإحسان لم يعط، أما الحق تعالى فإنه يعطي قبل السؤال، ألا ترى أنه رباك حال كنت جنيناً في رحم الأم، وحال ما كنت جاهلاً غير عاقل، لا تحسن أن تسأل منه، ووقاك وأحسن إليك مع أنك ما سألته وما كان لك عقل ولا هداية.
الخامس: أن غيره من المحسنين ينقطع إحسانه إما بسبب الفقر أو الغْيبة أو الموت، والحق تعالى لا ينقطع إحسانه البتة.
السادس: أن غيره من المحسنين يختص إحسانه بقوم دون قوم ولا يمكنه التعميم، أما الحق تعالى فقد وصل تربيته وإحسانه إلى الكل، كما قال: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ).
فثبت تعالى أنه رب العالمين ومحسن إلى الخلائق أجمعين، فلهذا قال تعالى في حق نفسه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).