قال الشوكاني: واختلف في تعيين البعض الذي أمروا أن يضربوا القتيل به، ولا حاجة إلى ذلك مع ما فيه من القول بغير علم، ويكفينا أن نقول: أمرهم الله بأن يضربوه ببعضها، فأيّ: بعض ضربوا به، فقد فعلوا ما أمروا به، وما زاد على هذا، فهو من فضول العلم، إذ لم يرد به برهان.
فلما ضربوه ببعضها قام فقالوا من قتلك؟ قال: قتلني فلان.
(كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى) أي: كما أحيا الله هذا القتيل، وهذا الجم الغفير من الناس ينظرون، كذلك الإحياء المشاهد يحيي الله الموتى يوم القيامة.
فهو دليل قرآني على البعث، لأن من أحيا نفساً واحدة فهو قادر على إحياء جميع النفوس، وقد قال تعالى (مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
(وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ) أي: يجعلكم ترونها واضحة.
قال القاسمي:(وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ) أي: دلائله الدالة على أنه تعالى على كل شيء قدير، ويجوز أن يراد بالآيات هذا الإحياء. والتعبير عنه بالجمع لاشتماله على أمور بديعة من ترتب الحياة على عضو ميت. وإخباره بقاتله، وما يلابسه من الأمور الخارقة للعادة.
وسبق أن آيات الله تنقسم إلى قسمين كونية، كالشمس والقمر والليل والنهار، ومعنى أنها آية: أي علامة على كمال قدرة الله.
وآيات شرعية: كالوحي المنزل كقوله تعالى (رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ) أي: آياته الدينية الشرعية، سميت [الآية الشرعية] آية لأنها علامة على صدق من جاء بها لما فيها من الإعجاز.
(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي: لأجل أن تدركوا بعقولكم أنه - جل وعلا - يحيي الناس بعد الموت، ويبعثهم من قبورهم، وأنه قادر على كل شيء.
• قال الشنقيطي: أشار في هذه الآية إلى أن إحياء قتيل بني إسرائيل دليل على بعث الناس بعد الموت، لأن من أحيا نفساً واحدة بعد موتها، قادر على إحياء جميع النفوس، وقد صرح بهذا في قوله تعالى (مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).