• قال الماوردي: قوله تعالى ( … وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُم يَسْمَعُون كَلَامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) في ذلك قولان:
أحدهما: أنهم علماء اليهود والذين يحرفونه التوراة فيجعلون الحلال حراماً والحرام حلالاً ابتاعاً لأهوائهم وإعانة لراشيهم وهذا قول مجاهد والسدي.
والثاني: أنهم الذين اختارهم موسى من قومه، فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا أمره وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم، وهذا قول الربيع بن أنس وابن إسحاق.
• وقال ابن الجوزي: وفي سماعهم لكلام الله قولان:
أحدهما: أنهم قرؤوا التوراة فحرّفوها، هذا قول مجاهد والسدي في آخرين، فيكون سماعهم لكلام الله بتبليغ نبيهم، وتحريفهم: تغيير ما فيها.
والثاني: أنهم السبعون الذين اختارهم موسى، فسمعوا كلام الله كفاحاً عند الجبل، فلما جاؤوا إلى قومهم قالوا: قال لنا: كذا وكذا، وقال في آخر قوله: إن لم تستطيعوا ترك ما أنهاكم عنه؛ فافعلوا ما تستطيعون. هذا قول مقاتل، والأول أصح. وقد أنكر بعض أهل العلم، منهم الترمذي صاحب «النوادر» هذا القول إِنكاراً شديداً، وقال: إنما خص بالكلام موسى وحده، وإلا فأي ميزة؟! وجعل هذا من الأحاديث التي رواها الكلبي وكان كذاباً.
• قوله تعالى (ثم يحرفونه) فالمراد بالتحريف إخراج الوحي والشريعة عما جاءت به، إما بتبديل وهو قليل وإما بكتمان بعض وتناسيه وإما بالتأويل البعيد وهو أكثر أنواع التحريف. (قاله ابن عاشور).
(مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ) أي: من بعد ما فهموه على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة.