(لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي: لينالوا به عرض الدنيا وحطامها الفاني.
• والاشتراء في لغة العرب: الاستبدال، فكل شيء استبدلته بشيء فقد اشتريته.
• قال السعدي: فجعلوا باطلهم شركاً يصطادون به ما في أيدي الناس، فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم، ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق، بل بأبطل الباطل، وذلك أعظم ممن يأخذها غصباً وسرقة ونحوهما.
• فاليهود حرفوا وكتموا حرصاً على الدنيا وحطامها من المال والرئاسة والمنصب وغيرها.
قال الحسن: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها.
• وفي هذا أن الدنيا كلها ثمن قليل حقير.
وفي الحديث قال -صلى الله عليه وسلم- (موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) رواه الترمذي.
ولهذا قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود.
• وقد ذكر بعض العلماء أن من موانع الهداية أن يكون للإنسان جولة ومنصب في الباطل.
(فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) أي: العذاب حاصل على أمرين:
الأول: ما كتبوه. الثاني: ما كسبوه من المال الحرام من هذه الكتابة.
ولهذا قال ابن كثير: فويل لهم مما كتبوا بأيديهم من الكذب والبهتان والافتراء، وويل لهم مما أكلوا به من السحت.
• وقال أبو حيان: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل مما يكسبون) كتابتهم مقدمة، نتيجتها كسب المال الحرام، فلذلك كرر الويل في كل واحد منهما، لئلا يتوهم أن الوعيد هو على المجموع فقط.
فكل واحد من هذين متوعد عليه بالهلاك.
وظاهر الكسب هو ما أخذوه على تحريفهم الكتاب من الحرام، وهو الأليق بمساق الآية.