(فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ) فكان ممن كذبوه عيسى ومحمد عليهما السلام.
(وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وكان من قتلوه يحيي وزكريا عليهما السلام.
قال ابن كثير: كانت بنو إسرائيل تعامل الأنبياء عليهم السلام أسوأ المعاملة، ففريقاً يكذبونه، وفريقاً يقتلونه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يأتونهم بالأمور المخالفة لأهوائهم وآرائهم وبإلزامهم بأحكام التوراة التي قد تصرفوا في مخالفتها، فلهذا كان يشق ذلك عليهم، فيكذبونهم، وربما قتلوا بعضهم.
وقال: قال الزمخشري في قوله (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وإنما لم يقل: وفريقاً قتلتم، لأنه أراد بذلك وصفهم في المستقبل أيضاً، لأنهم حاولوا قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسم والسحر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته: ما زالت أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان انقطاع أبهري.
• قال الرازي: قوله تعالى (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ استكبرتم فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) فهو نهاية الذم
لهم، لأن اليهود من بني إسرائيل كانوا إذا أتاهم الرسول بخلاف ما يهوون كذبوه، وإن تهيأ لهم قتله قتلوه، وإنما كانوا كذلك لإرادتهم الرفعة في الدنيا وطلبهم لذاتها والترؤس على عامتهم وأخذ أموالهم بغير حق، وكانت الرسل تبطل عليهم ذلك فيكذبونهم لأجل ذلك ويوهمون عوامهم كونهم كاذبين ويحتجون في ذلك بالتحريف وسوء التأويل، ومنهم من كان يستكبر على الأنبياء استكبار إبليس على آدم.