(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي: ولن يتمنوا الموت ما عاشوا بسبب ما اجترحوه من الذنوب والآثام.
• والذي قدمته أيديهم: تكذيبهم الأنبياء، وقتلهم إياهم، وقولهم (أرنا الله جهرة)، وقولهم (اجعل لنا إلهاً) وقولهم (فاذهب أنت وربك) واعتداؤهم في السبت، وسائر الكبائر التي لم تصدر من أمة قبلهم ولا بعدهم.
• قال أبو حيان:(ولن يتمنوه أبداً بما قدّمت أيديهم) هذا من المعجزات، لأنه إخبار بالغيب.
• وأضيفت الأعمال إلى اليد، لأن أكثر الجنايات التي يرتكبها الإنسان تكون بيده فأضيفت سائر أعمال الجوارح إلى اليد تغليباً، فتحريف التوراة كان باليد، وقتل الأنبياء كان باليد.
• قال الرازي: قوله تعالى (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) فبيان للعلة التي لها لا يتمنون (الموت) لأنهم إذا علموا سوء طريقتهم وكثرة ذنوبهم دعاهم ذلك إلى أن لا يتمنوا الموت.
(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) تهديد لكل ظالم، أن الله عليم بهم وبأعمالهم وسيجازيهم عليها، وأعظم الظلم الشرك بالله كما تقدم.
• قال الرازي: قوله تعالى (والله عليم بالظالمين) فهو كالزجر والتهديد لأنه إذا كان عالماً بالسر والنجوى ولم يمكن إخفاء شيء عنه صار تصور المكلف لذلك من أعظم الصوارف عن المعاصي، وإنما ذكر الظالمين لأن كل كافر ظالم وليس كل ظالم كافراً فلما كان ذلك أعم كان أولى بالذكر.
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ) أي: اليهود.
(أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) أي: على طول العمر، لما يعلمون من مآلهم السيئ وعاقبتهم عند الله الخاسرة.
• قال ابن عاشور: والمراد من الناس في الظاهر جميع الناس أي جميع البشر فهم أحرصهم على الحياة فإن الحرص على الحياة غريزية في الناس إلا أن الناس فيه متفاوتون قوة وكيفية وأسباباً.
(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) أي: وأحرص من الذين أشركوا الذين لا كتاب لهم، لأن مشركي العرب لا يعرفون إلا هذه الحياة، ولا علم لهم من الآخرة، وقيل: إن الكلام تم في (حياة) ثم استأنف الإخبار عن طائفة من المشركين، والأول أصح.