للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال في التسهيل: (وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ) فيه وجهان:

أحدهما: أن يكون عطفاً على ما قبله فيوصل به، ولمعنى أن اليهود أحرص على الحياة من الناس ومن الذين أشركوا، فحمل على المعنى كأنه قال: أحرص من الناس ومن الذين أشركوا، وخص الذين أشركوا بالذكر بعد دخولهم في عموم الناس لأنهم لا يؤمنون بالآخرة فإفراط حبهم للحياة الدنيا.

والآخر: أن يكون من الذين أشركوا ابتداء كلام فيوقف على ما قبله، والمعنى: من الذين أشركوا قوم (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) فحذف الموصوف.

وقيل: أراد به المجوس، لأنهم يقولون لملوكهم عش ألف سنة، والأول أظهر؛ لأن الكلام إنما هو في اليهود، وعلى الثاني يخرج الكلام عنهم.

• قال السعدي: هم أحرص على الحياة من كل أحد من الناس، حتى من المشركين الذين لا يؤمنون بأحد من الرسل والكتب.

(يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) أي: يتمنى أحدهم.

(لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) أي: أن يعيش ألف سنة، وهذا أبلغ ما يكون من الحرص، تمنوا حالة هي من المحالات.

• وعبر بالألف لأن العرب كانت تعبر به عند إرادة المبالغة.

• قال الرازي: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) فالمراد أنه تعالى بيّن بعدهم عن تمني الموت من حيث إنهم يتمنون هذا البقاء ويحرصون عليه هذا الحرص الشديد، ومن هذا حاله كيف يتصور منه تمني الموت.

(وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ) أي: وما طول العمر - مهما عمّر - بمبعده ومنجيه من عذاب الله.

• قال الشنقيطي: إذا عرفت معنى الآية فاعلم أن الله قد أوضح هذا المعنى مبيناً أن الإنسان لو متع ما متع من السنين ثم انقضى ذلك المتاع وجاءه العذاب، أن ذلك المتاع الفائت لا ينفعه، ولا يغني عنه شيئاً بعد انقضائه وحلول العذاب محله. وذلك في قوله (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ)، وهذه هي أعظم آية في إزالة الداء العضال الذي هو طول الأمل. كفانا الله والمؤمنين شره.

<<  <  ج: ص:  >  >>