(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلَا الضَّآلِّينَ) أي: اهدنا ودلنا على الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم (غير) صراط (المغضوب عليهم) الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم و (لا) صراط (الضالين) الذين تركوا الحق على جهل وضلالة كالنصارى ونحوهم.
• المغضوب عليهم: هم اليهود، والضالون: هم النصارى، كما في الحديث من قوله -صلى الله عليه وسلم- (اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون) رواه الترمذي.
• ينبغي على المسلم أن يحذر من سلوك طريق اليهود والنصارى، لأن الله حذر منهما، فيجب على المسلم أن يحذر كل الحذر.
قال ابن تيمية رحمه الله: ولما أمرنا الله سبحانه وتعالى، أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين، كان ذلك مما يبين أن العبد يخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطريقين، وقد وقع ذلك كما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ وهو حديث صحيح.
• ومن الأمور التي وقعت فيها ناس من هذه الأمة مشابهة لليهود والنصارى: كتم العلم، والبخل بالعلم والمال، وقسوة القلب (ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) وغيرها كثير. …
• وصف اليهود بالغضب والنصارى بالضلال: فإن الغضب إنما خص به اليهود، وإن شاركهم النصارى فيه، لأنهم يعرفون الحق وينكرونه ويأتون الباطل عمداً فكان الغضب أخص صفاتهم، والنصارى جهلة لا يعرفون الحق فكان الضلال أخص صفاتهم. …
وقال ابن القيم: ولكن تارك العمل بالحق بعد معرفته به أولى بوصف الغضب وأحق به، ومن ههنا كان اليهود أحق به، والجاهل بالحق أحق باسم الضلال، ومن هنا وصف النصارى به.