• فإن قيل: لم قدم المغضوب عليهم على الضالين؟
وأما تقديم المغضوب عليهم على الضالين فلوجوه:
أحدها: أنهم متقدمون عليهم بالزمان.
الثاني: أنهم كانوا الذين يلون النبي -صلى الله عليه وسلم- من أهل الكتابين فإنهم كانوا جيرانه في المدينة، والنصارى كانت ديارهم نائية عنه، ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام معهم في القرآن الكريم أكثر من خطاب النصارى كما في سورة (البقرة والمائدة وآل عمران) .. وغيرها من السور.
الثالث: أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى، ولهذا كان الغضب أخص بهم واللعنة والعقوبة،
فإن كفرهم عن عناد وبغي كما تقدم، فالتحذير من سبيلهم، والبعد منها أحق وأهم بالتقديم، وليس عقوبة من جهل كعقوبة من علم.
• قوله تعالى (أنعمت عليهم) ولم يقل: المنعم عليهم كما قال: المغضوب عليهم.
أولاً: أن هذا جاء على الطريقة المعهودة في القرآن، وهي أن أفعال الإحسان والرحمة والجود تضاف إلى الله سبحانه وتعالى، بخلاف الشر فإنه لا يضاف إلى الله تأدباً.
ونظير هذا قول إبراهيم الخليل (الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين) فنسب الخلق والهداية والإحسان بالطعام والسقي إلى الله، ولما جاء إلى ذكر المرض قال (وإذا مرضت) ولم يقل: أمرضني.
ومثل قوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً).
ثانياً: أن النعمة بالهداية إلى الصراط: لله وحده، وهو المنعم بالهداية دون أن يشركه أحد في نعمته، فاقتضى اختصاصه بها أن يضاف إليه بوصف الإفراد فيقال: أنعمت عليهم، أي أنت وحدك المنعم المحسن المتفضل بهذه النعمة. [ذكره ابن القيم].
• ذكر الله تعالى انقسام الناس وأنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، المنعم عليهم - وهم من عرف الحق واتبعه - والمغضوب عليهم - وهم من عرفه واتبع هواه - والضالين - وهم من جهله - فالناس لا يخرجون عن هذه الأقسام الثلاثة.
• يجب بغض ومعاداة اليهود والنصارى.