• قال ابن عاشور: والتعريف في الثمرات تعريف الاستغراق وهو استغراق عُرفي أي من جميع الثمرات المعروفة للناس ودليل كونه تعريف الاستغراق مجيء (مِن) التي للتبعيض، وفي هذا دعاء لهم بالرفاهية حتى لا تطمح نفوسهم للارتحال عنه.
• دعاء إبراهيم لهم بالثمرات ليقوموا بعبادة الله، كما قال تعالى عن إبراهيم (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
فلم يكن طلب الرزق مقصوداً لذاته بل صرح في دعائه أن يكون الرزق عوناً لهم على أداء العبادات والطاعات.
• قال الرازي: وذلك يدل على أن المقصود للعاقل من منافع الدنيا أن يتفرغ لأداء العبادات، وإقامة الطاعات.
• وقال الخازن: وفيه دليل على أن تحصيل منافع الدنيا إنما ليُستعان بها على أداء العبادات وإقامة الطاعات.
• وقال ابن عاشور: والمقصود توفر أسباب الانقطاع إلى العبادة، وانتفاء ما يحول بينهم وبينها من فتنة الكدح للاكتساب.
وقد قال تعالى (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ).
• فإن قيل: المطلوب من الله تعالى هو أن يجعل البلد آمناً كثير الخصب، وهذا مما يتعلق بمنافع الدنيا فكيف يليق بالرسول المعظم طلبها؟!
والجواب عنه من وجوه:
أحدها: أن الدنيا إذا طلبت ليتقوى بها على الدين، كان ذلك من أعظم أركان الدين، فإذا كان البلد آمناً وحصل فيه الخصب تفرغ أهله لطاعة الله تعالى، وإذا كان البلد على ضد ذلك كانوا على ضد ذلك.
وثانيها: أنه تعالى جعله مثابة للناس، والناس إنما يمكنهم الذهاب إليه إذا كانت الطرق آمنة والأقوات هناك رخيصة.
وثالثها: لا يبعد أن يكون الأمن والخصب مما يدعو الإنسان إلى الذهاب إلى تلك البلدة، فحينئذ يشاهد المشاعر المعظمة والمواقف المكرمة فيكون الأمن والخصب سبب اتصاله في تلك الطاعة.
(مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ) الإيمان بالله يتضمن: الإيمان بوجوده وبربوبيته وبألوهيته وبأسمائه وصفاته.
(وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) هو يوم القيامة، وسمي آخراً، لأنه لا يوم بعده.