• (مِنَ الْبَيِّنَاتِ) أي: من الآيات البينات (وَالْهُدَى) وهو العلم النافع الذي يهتدي به الخلق (مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ) أي: أظهرناه، والضمير راجع إلى قوله: ما أنزلنا (لِلنَّاسِ) عموماً (فِي الْكِتَابِ) المراد جميع الكتب.
(أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ) أي: يطردهم ويبعدهم عن رحمته.
(وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) أي: يطلبون من الله أن يلعنهم، ولم يبين هنا ما اللاعنون، ولكنه أشار إلى ذلك في قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
وقيل: المراد باللاعنين هنا دواب الأرض وهوامها كالعقارب والخنافس وغير ذلك.
وقيل: كل من يتأتى منه اللعن فيدخل في ذلك الجن،
وقيل: المراد باللاعنين الملائكة والمؤمنون، ورجحه ابن عطية. [فتح القدير: ١/ ١٧٧].
• في الآية وعيد شديد وتحريك كبير لمن يكتمون العلم.
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وقال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).
وعن أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من كتم علماً ألجم بلجام من نار يوم القيامة) رواه أبو داود.
• قال ابن تيمية: معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، والله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير، لما في ذلك من عموم النفع لكل شيء، وعكسه كاتموا العلم، فإنهم يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. …
وقال: فَتَرْكُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِتَبْلِيغِ الدِّينِ كَتَرْكِ أَهْلِ الْقِتَالِ لِلْجِهَادِ وَتَرْكِ أَهْلِ الْقِتَالِ لِلْقِتَالِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ كَتَرْكِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلتَّبْلِيغِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ كِلَاهُمَا ذَنْبٌ عَظِيم.