فإن تنعم الأغنياء بما لا يقدر عليه تألم، وإن جاع أو جاعت عياله تألم، وإن أكل طعاماً غير موافق لهواه تألم، وإن عرى أو كاد تألم، وإن نظر إلى ما بين يديه وما يتوهمه من المستقبل الذي يستعد له تألم، وإن أصابه البرد الذي لا يقدر على دفعه تألم، فكل هذه ونحوها، مصائب، يؤمر بالصبر عليها، والاحتساب، ورجاء الثواب من الله عليها.
(وَالضَّرَّاءِ) وفي حال المرض والأسقام، وخصوصاً مع تطاول ذلك، لأن النفس تضعف، والبدن يألم، وذلك في غاية المشقة على النفوس، فإنه يؤمر بالصبر، احتساباً لثواب الله.
(وَحِينَ الْبَأْسِ) أي: في حال القتال والتقاء الأعداء.
قال السعدي: لأن الجلاد، يشق غاية المشقة على النفس، ويجزع الإنسان من القتل، أو الجراح أو الأسر، فاحتيج إلى الصبر في ذلك احتساباً، ورجاء لثواب الله الذي منه النصر والمعونة، التي وعدها الصابرين.
• ونص على هذا الصبر في هذه المواضع لصعوبته وشدته.
• والبأس يطلق في القرآن على (٣) إطلاقات:
بمعنى العذاب: كقوله تعالى (لينذر بأساً شديداً من لدنه) وقوله (فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا).
وبمعنى القتال والمعركة: كقوله تعالى (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً).
وبمعنى: الفقر والضيق: كقوله تعالى (مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ).