للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) أي: ذلك عقوبة الكافرين بالله، المكذبين لرسله وشرعه، وهي قتلهم في الدنيا، مع ما أعد لهم في الآخرة من العذاب الأليم كما قال تعالى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

(فَإِنِ انْتَهَوْا) أي: فإن انتهى الكافرون الذين يقاتلونكم عن قتالكم وكفرهم بالله، فتركوا ذلك وتابوا.

(فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) لذنوب من آمن منهم وتاب من شركه.

ومثل هذه الآية: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)

(رَحِيمٌ) بعباده.

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أمر الله بقتال المشركين حتى لا تكون فتنة، يعني: لا يكون شرك بالله حتى لا يعبد دونه أحد.

قال أكثر العلماء: المراد بالفتنة هنا: الشرك، أي: حتى لا يَبْقَى شِرْكٌ على وَجْهِ الأرض، ويدل لهذا المعنى قوله بعده -يليه- (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) لأن الدين لا يكون كله لله إلا إذا لم يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ شِرْكٌ، فعندئذٍ يكون الدين كله لله. ويؤيد هذا المعنى وهذا التفسير الذي دلت عليه القرينة القرآنية قوله -صلى الله عليه وسلم- (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا منعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ).

• قال ابن تيمية: والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله تعالى.

• قال السعدي: يستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما.

(وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) أي: يكون دين الله هو الظاهر العالي على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى).

<<  <  ج: ص:  >  >>