• والوقوف بعرفة هو أهم وأعظم أعمال الحج وأركانه قال -صلى الله عليه وسلم- (الحج عرفة).
(فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) المشعر الحرام مكان أداء الشعيرة من شعائر الله، والمراد هنا المزدلفة كلها، أي: فاذكروا الله بألسنتكم وقلوبكم وجوارحكم بصلاة المغرب والعشاء والفجر ودعائه وتكبيره وتهليله وتوحيد.
وقيل: المشعر الحرام جبل هناك، لحديث جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه ( … حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين وصلى الفجر حين تبين له الصبح … ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس … ) رواه مسلم.
ففي قوله: حتى أتى المزدلفة … ثم قال: حتى أتى المشعر الحرام ما يدل على التغاير، ويفيد أن المشعر الحرام جزء من مزدلفة.
• وقوله (الحرام) أي: ذو الحرمة، لأنه داخل الحرم، فمزدلفة داخل الحرم.
(وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ) أمر الله عز وجل بذكره عند المشعر الحرام، ثم أكد الأمر بذلك مقروناً بتنبيههم بما أنعم به عليهم من هدايتهم وتوفيقهم للطريق المستقيم، ولمعرفة مشاعر الحج ومناسكه وأحكامه خاصة.
• الكاف في قوله (كما هداكم) يحتمل أن تكون للتشبيه، أي: واذكروه على الصفة التي هداكم وأرشدكم إليها، أي: وفق شرعه.
ويحتمل أن تكون للتعليل، أي: واذكروه لهدايته لكم.
قال السعدي: قوله تعالى (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ) أي: اذكروا الله تعالى، كما منّ عليكم بالهداية بعد الضلال، وكما علمكم ما لم تكونوا تعلمون، فهذه من أكبر النعم التي يجب شكرها ومقابلتها بذكر المنعِم بالقلب واللسان.
(وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ) أي: قبل هداه لكم بما أنزل عليكم من القرآن وبعثة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
(لَمِنَ الضَّالِّينَ) أي: التائهين البعيدين عن طريق الحق، وعن معرفة مشاعر الحج ومناسكه وأحكامه.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) يحتمل: أن يكون المراد بالإفاضة هنا الدفع من المشعر الحرام، أي: من مزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة وذبح الهدي.
ويحتمل أن يكون تأكيد لقوله تعالى قبل هذا (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ) أي: ثم ادعوا (مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ) من المكان الذي وقف فيه الناس ودفعوا منه وهو عرفات.