• قال الشوكاني: قيل: الخطاب في قوله (ثُمَّ أَفِيضُواْ) للحمس من قريش، لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات، بل
كانوا يقفون بالمزدلفة، وهي من الحرم، فأمروا بذلك، وعلى هذا تكون «ثم» لعطف جملة على جملة لا للترتيب.
وقيل: الخطاب لجميع الأمة، والمراد بالناس إبراهيم، أي: ثم أفيضوا من حيث أفاض إبراهيم، فيحتمل أن يكون أمراً لهم بالإفاضة من عرفة، ويحتمل أن يكون إفاضة أخرى، وهي التي من المزدلفة، وعلى هذا تكون، «ثم» على بابها أي: للترتيب، وقد رجح هذا الاحتمال الأخير ابن جرير.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ) أي: اطلبوا من الله مغفرة الذنوب.
• وكثيراً ما يأتي الأمر بالاستغفار بعد الانتهاء من الأعمال:
ففي هذه الآية أمر الله وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها، فقال (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وقال تعالى (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).
وفي الصحيح (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثاً … ).
وأمره بالاستغفار بعد أداء الرسالة، واقتراب أجله، فقال في آخر سورة أنزلت عليه (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً).