(وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أي: وصدهم عن المسجد الحرام كما قال تعالى (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ).
• فقوله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قيل معطوف على الضمير في قوله (وكفر به) أي: وكفر بالمسجد الحرام، بانتهاك حرمته وعم احترامه وتعظيمه.
ويحتمل عطفه على (عن سبيل الله) وهو أظهر، أي: وص عن سبيل الله وعن المسجد الحرام.
(وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) أي: أهل المسجد الحرام، وهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، لأنهم أحق به من المشركين، وهم عماره على الحقيقة فأخرجوهم منه ولم يمكنوهم من الوصول إليه، مع أن هذا البيت سواء العاكف فيه والباد.
(أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ) أي: أعظم إثماً وجرماً عند الله من القتال في الشهر الحرام.
أي: إن صدكم بأنفسكم وللناس عن دين الله وصراطه المستقيم وكفركم بالله والمسجد الحرام، وصد الناس عنه وإخراج أهله منه أكبر عن الله وأعظم إثماً وجرماً عند الله من القتال في الشهر الحرام.
(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) أي: فتنة المسلم وصده عن دين الله أكبر عند الله من القتل.
قال ابن القيم: والمقصود: أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يُبرئ أولياءَه من ارتكاب الإثم بالقتالِ في الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبرُ وأعظمُ مِن مجردِ القتالِ في الشهر الحرام، فهم أحقُّ بالذمِّ والعيبِ والعُقوبَةِ، لا سيما وأولياؤه كانوا متأوِّلين في قتالهم ذلك، أو مقصِّرين نوعَ تقصير يغفِره الله لهم في جنب ما فعلوه مِن التوحيد والطاعات، والهِجرة مع رسوله، وإيثارِ ما عند الله، فهم كما قيل: