• قوله تعالى (على قلوبهم) القلب سمي بذلك قيل: لأنه خالص كل شيء، وقيل: لسرعة تقلبه.
• قوله تعالى (ختم الله على قلوبهم … ) فيه أن طرق الهدى إما بالسمع وإما بالبصر وإما بالقلب، فهؤلاء ختم الله على قلوبهم: فلا تعي ولا تفقه ولا تتعظ ولا تنزجر ولا تتأثر، وختم على سمعهم: فلا تسمع ما تنتفع بها، وجعل على أبصارهم غطاء: فلا يرى ما ينفعه، بل يرى ما يضره ويهلكه.
• قال القرطبي: قوله تعالى (ختم الله على قلوبهم) قال القرطبي: قال أهل المعاني: وصف الله قلوب الكفار بعشرة أوصاف: بالختم والطبع والضيق والمرض والريْن والموت والقساوة والانصراف والحميّة والإنكار.
فقال في الإنكار (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) وقال في الحمية (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) وقال في الانصراف (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) وقال في القساوة (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) وقال (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) وقال في الموت (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ) وقال في الرين (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) وقال في المرض (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وقال في الضيق (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) وقال في الطبع (فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) وقال في الختم (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ).
• قال ابن عاشور: وإنما أفرد السمع ولم يجمع كما جمع (قلوبهم) و (أبصارهم) إما لأنه أريد منه المصدر الدال على الجنس، إذ لا يطلق على الآذان سمع ألا ترى أنه جمع لما ذكر الآذان في قوله (يجعلون أصابعهم في أذانهم) وقوله (وفي آذاننا وقر) فلما عبر بالسمع أفرد لأنه مصدر بخلاف القلوب والأبصار فإن القلوب متعددة والأبصار جمع بصر الذي هو اسم لا مصدر، وإما لتقدير محذوف أي وعلى حواس سمعهم أو جوارح سمعهم.