(قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) أي: عمل الأصلح لهم، أو اعملوا الأصلح لهم في أنفسهم وأموالهم وغير ذلك، من تربيتهم وتعليمهم وتأديبهم وحفظ أموالهم وتنميتها.
(وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) أي: وإن تخالطوهم في طعامهم وأموالهم، وتخلطوا أموالهم مع أموالكم فتتجروا فيها جميعاً فهم إخوانكم في الدين أو في النسب أو فيهما جميعاً.
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) أي: والله تعالى أعلم وأدرى بمن يقصد بمخالطتهم الخيانة والإفساد لأموالهم، ويعلم كذلك من يقصد لهم الإصلاح فيجازي كلاً بعمله.
قال ابن كثير: أي: يعلم من قَصدُه ونيته الإفساد أو الإصلاح.
• قال ابن عاشور:(وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) وعد ووعيد، لأن المقصود من الإخبار بعلم الله الإخبار بترتب آثار العلم عليه.
وفي هذا إشارة إلى أن ما فعله بعض المسلمين من تجنب التصرف في أموال اليتامى تنزه لا طائل تحته، لأن الله يعلم المتصرف بصلاح والمتصرف بغير صلاح.
وفيه أيضاً ترضية لولاة الأيتام فيما ينالهم من كراهية بعض محاجيرهم وضربهم على أيديهم في التصرف المالي وما يلاقون في ذلك من الخصاصة، فإن المقصد الأعظم هو إرضاء الله تعالى لا إرضاء المخلوقات، وكان المسلمون يومئذٍ لا يهتمون إلاّ بمرضاة الله تعالى وكانوا يحاسبون أنفسهم على مقاصدهم.
وفي هذه إشارة إلى أنه ليس من المصلحة أن يعرض الناس عن النظر في أموال اليتامى اتقاء لألسنة السوء، وتهمة الظن بالإثم فلو تمالأ الناس على ذلك وقاية لأعراضهم لضاعت اليتامى، وليس هذا من شأن المسلمين، فإن على الصلاح والفساد دلائل ووراء المتصرفين عدالة القضاة وولاة الأمور يجازون المصلح بالثناء والحمد العلن، ويجازون المفسد بالبعد بينه وبين اليتامى وبالتغريم بما أفاته بدون نظر.