للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• فيه دليل على أن مرض القلب وفساده - إذا لم يصلحه صاحبه - أنه يزيد هذا المرض ويتفاقم، كما قال تعالى: (فزادتهم رجساً إلى رجسهم).

• وفيه دليل على أن الإنسان إذا لم يصلح قلبه ويهتم به فإن مرضه يكون من أسباب قسوته ومرضه وهلاكه، لأن الذنوب والمعاصي سبب لمرض القلب، ومرض القلب إذا لم يحاول الإنسان إصلاحه والاهتمام به يصبح ذنباً ومعصية.

• قال ابن القيم: ومرض القلب نوعان: مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغي، وكلاهما في القرآن.

قال تعالى في مرض الشبهة (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً)، وأما مرض الشهوات فقال تعالى (يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) فهذا مرض شهوة الزنا.

وقال عن مرض الشبهات: هو أصعبهما وأقتلهما للقلب.

• قوله تعالى (فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) فيه دليل على أن من عقوبة المعصية المعصية بعدها، كما سبق في آيات سابقة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) وكقوله (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) وكقوله تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً).

(وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي مؤلم موجع. بالغ الإيلام الغاية العظمى، كما قال تعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) وقال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).

• قال هنا في المنافقين (ولهم عذاب أليم) بينما قال في الكفار كما تقدم (ولهم عذاب عظيم) لأن الأليم هو البالغ في الإيلام الغاية العظمى.

(بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) أي: بتكذيبهم وهو قولهم (آمنا بالله وباليوم الآخر)، وفي قراءة أخرى (يُكذِّبُون) أي يكذبون بالله ورسوله، والمنافقون اجتمع فيهم الوصفان: فهم كاذبون في دعواهم الإيمان، ومكذبون لله ولرسوله، كما قال تعالى (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)، وقال تعالى (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً).

<<  <  ج: ص:  >  >>