• قال القرطبي: قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا) معناه عند جميع المتأوّلين في الكفار، ولهم قيل (فَلَهُ مَا سَلَفَ) ولا يقال ذلك لمؤمن عاص بل ينقض بيعه ويرد فعله وإن كان جاهلاً؛ فلذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: مَن عمل عَملاً ليس عليه
أمرُنا فهو رَدٌّ " لكن قد يأخذ العصاة في الربا بطرف من وعيد هذه الآية.
(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) أي: وأحل الله البيع لما فيه من تبادل المنافع، وحرم الربا لما فيه من الضرر الفادح بالفرد والمجتمع.
• قال الرازي: يحتمل أن يكون هذا الكلام من تمام كلام الكفار، والمعنى أنهم قالوا: البيع مثل الربا، ثم إنكم تقولون (وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا) فكيف يعقل هذا؟ يعني أنهما لما كانا متماثلين فلو حل أحدهما وحرم الآخر لكان ذلك إيقاعاً للتفرقة بين المثلين، وذلك غير لائق بحكمة الحكيم فقوله (أَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا) ذكره الكفار على سبيل الاستبعاد.
وأما أكثر المفسرين فقد اتفقوا على أن كلام الكفار انقطع عند قوله (إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا) وأما قوله (وأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا) فهو كلام الله تعالى ونصه على هذا الفرق ذكره إبطالاً لقول الكفار إنما البيع مثل الربا.
(فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) أي: من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه، فله ما سلف من المعاملة، لقوله (عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ) وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وكل ربًا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس، ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، بل عفا عما سلف.