• قوله (الشُّهَدَاء) والشاهد حقيقة فيمن تحمَّل، فإذا دعي لأدائها فعليه الإجابة إذا تعينت وإلا فهو فرض كفاية.
(وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ) هذا من تمام الإرشاد، وهو الأمر بكتابة الحق صغيرًا كان أو كبيرًا، فقال
(وَلا تَسْأَمُوا) أي: لا تملوا أن تكتبوا الحق على أي حال كان من القلة والكثرة (إلى أجله) أي: إلى وقت حلوله، لأن في الكتابة ضبط الدين، والقضاء على أسباب الاختلاف.
(ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا) أي: هذا الذي أمرناكم به من الكتابة للحق إذا كان مؤجلاً هو:
أولاً:(أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) أي: أعدل، وإنما كان هذا أعدل عند الله، لأنه إذا كان مكتوباً كان إلى اليقين والصدق أقرب، وعن الجهل والكذب أبعد، فكان أعدل عند الله وهو كقوله تعالى (ادعوهم لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله) أي أعدل عند الله، وأقرب إلى الحقيقة من أن تنسبوهم إلى غير آبائهم.
ثانياً:(وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ) أي: أقرب وأعدل لإقامة الشهادة، وأكمل وأصوب وأضبط لها، لاحتمال أنه لو لم يكتبه أن ينساه، كما هو الواقع غالبًا.
ثالثاً:(وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا) وأقرب إلى عدم الريبة، بل ترجعون عند التنازع إلى الكتاب الذي كتبتموه، فيفصل بينكم بلا ريبة.
(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا) أي: إذا كان البيع بالحاضر يداً بيد، فلا بأس بعدم الكتابة لانتفاء المحذور في تركها.