للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله تعالى (فِيهِ ظُلُمَاتٌ) أي: ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر، (ورعد) وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، (وبرق) وهو الضوء اللامع المشاهد مع السحاب (كصيب) الصيب المطر.

• ضرب الله في هذه الآية مثلاً لما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من الهدى والعلم بالمطر، لأن بالعلم والهدى حياة الأرواح، كما أن بالمطر حياة الأجسام، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً … ) متفق عليه.

• قال السعدي: فهكذا حال المنافقين، إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، جعلوا أصابعهم في آذانهم، وأعرضوا عن أمره ونهيه، ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده، وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم، ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد، فيجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا ربما حصلت له السلامة، وأما المنافقون فأنى لهم السلامة، وهو تعالى محيط بهم، قدرة وعلماً.

• قوله تعالى (يجعلون أصابعم في آذانهم من الصواعق) أي: كلما تليت عليهم آيات الكتاب العزيز جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن فيؤمنوا به وبمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذا كما فعل قوم نوح إذ حكى نوح عليه السلام فعلهم معه فقال (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً).

• قوله تعالى (يجعلون أصابعهم) أي أطراف أصابعهم وهي الأنامل، وهذا من باب تسمية الكل والمراد به البعض.

(وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) تهديد للكافرين، فالله جل وعلا محيط بالكافرين وبأعمالهم، فهو محيط بهم كإحاطة السور بمن في داخله، فلا يتمكنوا أن يفروا من الله ومن عذابه وسطوته.

• قال القرطبي: فالله سبحانه محيط بجميع المخلوقات، أي هي في قبضته وتحت قهره؛ كما قال (والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة).

• وقال ابن الجوزي: قوله تعالى (والله مُحيط بالكافرين) فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه لا يفوته أحد منهم، فهو جامعهم يوم القيامة، ومثله قوله تعالى (أحاط بكل شيء علماً).

والثاني أن الإحاطة: الإهلاك، مثل قوله تعالى (وأحيط بثمره).

والثالث: أنه لا يخفى عليه ما يفعلون.

وقال قال بعض العلماء: محيط بالكافرين: أي مهلكهم، ويشهد لهذا القول قوله تعالى (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ) أي: تهلكوا عن آخركم. وقيل: تغلبوا. والمعنى متقارب، لأن الهالك لا يهلك حتى يحاط به من جميع الجوانب، ولم يبق له منفذ للسلامة ينفذ منه. وكذلك المغلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>