للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه أيضاً بمعنى الهلاك قوله تعالى (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) الآية. وقوله تعالى (وظنوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ).

(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا) قال الشنقيطي: ضرب الله في هذه الآية المثل للمنافقين إذا كان القرآن موافقاً لهواهم ورغبتهم عملوا به، كمناكحتهم للمسلمين وإرثهم لهم، وعصمتهم به من القتل مع كفرهم بالباطن، وإذا كان غير موافق لهواهم كبذل الأنفس والأموال في الجهاد في سبيل الله المأمور به فيه وقفوا وتأخروا، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون. وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه

مذعنين).

وقال بعض العلماء: (كلما أضاء لهم مشوا فيه) أي إذا أنعم الله عليهم بالمال والعافية قالوا: هذا الدين حق ما أصابنا منذ تمسكنا به إلا الخير، (وإذا أظلم عليهم قاموا) أي: وإن أصابهم فقر أو مرض أو ولدت لهم البنات دون الذكور، قالوا: ما أصابنا هذا إلا بشؤم هذا الدين وارتدوا عنه، وهذا الوجه يدل له قوله تعالى (ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين).

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) دون أن تحدث الصواعق، ودون أن يحدث البرق، ولهذا قال:

(إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية عامة، فالله على كل شيء قدير، على ما شاءه وما لم يشأه.

• قال الشنقيطي: وجرت العادة بذكر قدرته عند الأمور التي لا يستطيعها البشر، كما ذكر ذلك عند نصره لعباده الضعفاء المتمسكين بدينه كقوله تعالى في الأحزاب (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) وقال في الحديبية (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).

ومن قدرته أنه سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء ويؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء كما قال تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>