كما قال نوح لقومه (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ) كذلك قال هود، وصالح، وشعيب، وغيرهم.
وأخبر الله أنه أرسل في كل أمة رسولاً لهذا الغرض:
قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
ووصف ملائكته بذلك:
فقال تعالى (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ).
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له، ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له، ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا
يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله تعالى. …
(الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي أوجدكم من العدم، وأوجد من قبلكم من الأمم الماضية.
• ففيها أن المستحق للعبادة هو من يخلق، أما من هو عاجز عن الخلق فلا يستحق أن يكون معبوداً، وقد جرت العادة في القرآن الكريم في آيات كثيرة أنه يجعل سبب العبادة التي تُستحق به هو الخلق والإبراز من العدم إلى الوجود، فمن يبرزكم من العدم إلى الوجود، ويوجدكم بعد أن كنتم عدماً هو هذا ربكم الذي يستحق أن تعبدوه وحده، أما الذي يحتاج إلى من يخلقه فهو عبد مربوب فقير مثلكم.