• قال الشنقيطي: من براهين البعث بعد الموت خلق الناس أولاً المشار إليه بقوله (اعبدوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ والذين مِن قَبْلِكُمْ) لأن الإيجاد الأول أعظم برهان على الإيجاد الثاني، وقد أوضح ذلك في آيات كثيرة:
ولذا ذكر تعالى أن من أنكر البعث فقد نسي الإيجاد الأول، كما في قوله (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) الآية، وقوله (أَوَلَا يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً). ثم رتب على ذلك نتيجة الدليل بقوله (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) إلى غير ذلك من الآيات. (أضواء البيان).
• قال ابن الجوزي: وإنما ذكر من قبلهم، لأنه أبلغ في التذكير، وأقطع للجحد، وأحوط في الحجة.
وقيل إنما ذكر من قبلهم لينبههم على الاعتبار بأحوالهم من إثابة مطيع، ومعاقبة عاص.
• قال بعض العلماء: إنما نص الله تعالى على صفة الخلق دون غيرها من الصفات، لأن المشركين كانوا يعترفون أن الله خالقهم، كما قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) وقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ).
وقيل: ليذكرهم بذلك نعمته عليهم.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال السعدي: يحتمل: أن المعنى: إذا عبدتم الله وحده، اتقيتم بذلك سخطه وعذابه، لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك، ويحتمل: أن يكون المعنى أنكم إذا عبدتم الله صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى، وكلا المعنيين صحيح، وهما متلازمان، وقيل: المعنى خلقكم لتتقوه.
• قال بعض العلماء: أن كل (لعل) في القرآن هي بمعنى التعليل إلا التي في سورة الشعراء (وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قالوا: هي بمعنى: كأنكم تخلدون.