للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت محمد بن يحيى يقول: لما رحلت بابني إلى العراق سألوني: أي حديث عند أحمد أغرب؟ فسألته عن حديث يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر حديث الإيمان، وقد كنت سمعته منه قديما، وحدثت به عنه، فقال: يا أبا عبد الله، ليس هذا الحديث عندي، قال: فخجلت وسكت، ثم قدمنا بغداد أيضا يعني من البصرة، فدخلنا على أحمد، فقال: أخبرني أي حديث استغربت عن مسدد من حديث يحيى بن سعيد؟ فقلت: حديث عثمان بن غياث في الإيمان، فقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث، ثم أخرج كتابه، فأملى علينا، فسكت، فتعجب أصحابه من صبري عليه. قال: فأخبر أحمد أنه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى البصرة. فكان أحمد إذا ذكره قال: محمد بن يحيى العاقل.

وقال أبو العباس الأزهري: سمعت محمد بن سعيد بن منصور يقول: سمعت أبي يقول: قلت لابن معين: لم لا تجمع حديث الزهري؟ فقال: كفانا محمد بن يحيى جمع حديث الزهري.

وقال زنجويه بن محمد: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الذي لا يعرفه محمد بن يحيى لا يعبأ به.

وقال الدغولي: سمعت صالح جزرة يقول: لما خرجت من الري قلت لفضلك: عمن أكتب؟ قال: إذا قدمت نيسابور، فاكتب عن محمد بن يحيى، فإنه من قرنه إلى قدمه فائدة. قال: فلما قدمت انتخبت عليه مجلسا، وقرأته عليه، فلما فرغت قلت: أفادني الفضل بن العباس الرازي حديثا عنك عند الوداع لأسمعه من الشيخ، فقال: هات، فقلت: حدثكم سعيد بن عامر، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن صبيح، عن محمد بن سيرين، عن أنس أن النبي قال: هذا خالي، فليرني امرؤ خاله، فقال: من ينتخب مثل هذا الانتخاب، ويقرأ مثل هذه القراءة، يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث بمثل هذا. فقال صالح: نعم حدثكم سعيد بن واصل.

قال الخطيب: قصد صالح امتحان محمد بن يحيى في هذا الحديث، لينظر أيقبل التلقين أم لا، فوجده ضابطا حافظا.

وقال أبو قريش: كنت عند أبي زرعة، فدخل مسلم، فقال: لو دارى (١) محمد بن يحيى لصار رجلا.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى إمام زمانه.

قال: وكتب عنه أبي بالري وهو ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين، سئل أبي عنه، فقال: ثقة.

وقال النسائي: ثقة مأمون.

وقال ابن أبي داود: حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري، وكان أمير المؤمنين في الحديث.

وقال ابن عقدة، عن ابن خراش: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم.

وقال الخطيب: كان أحد الأئمة العارفين، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزهري وجوده.

وقال الحسين بن الحسن بن سفيان: سمعت الذهلي يقول: لما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان، ولو بدأت بالبصرة لم يفتني أبو أسامة.

وقال ابن قانع: مات سنة اثنتين، وقيل: سنة ست وخمسين ومائتين.

وقال أبو بكر بن زياد: مات سنة سبع.

وقال أبو حامد ابن الشرقي، وأبو عبد الله بن الأخرم وغير واحد: مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.

قال الخطيب: وهو الصواب، وبلغني أن وفاته في أحد الربيعين منها، وبلغ ستا وثمانين سنة.

قال ابن الشرقي: سمعت أبا عمرو الخفاف غير مرة يقول: رأيت الذهلي في النوم، فقلت: ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي. قال: فما فعل علمك؟ قال: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين.


(١) يعني: لو أن مسلمًا دارى محمدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>