قال: وسمعت ابن الرومي يقول: ما رأيت أحدا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى.
وقال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعا يديه يقول: اللهم إن كنت تكلمت في رجل وليس هو كذابا فلا تغفر لي.
وقال هارون بن معروف: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه، فسألته أن يملي علي شيئا، فأخذ الكتاب يملي، فإذا بإنسان يدق الباب فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأذن له والشيخ على حالته والكتاب في يده لا يتحرك، فإذا بآخر، فذكر أحمد بن الدورقي، وعبد الله بن الرومي وزهير بن حرب، كلهم يدخل والشيخ على حالته، فإذا بآخر يدق الباب، قال الشيخ: من هذا؟ قال: يحيى بن معين، فرأيت الشيخ ارتعدت يده ثم سقط الكتاب من يده.
وقال جعفر الطيالسي عن يحيى بن معين: قدم علينا عبد الوهاب بن عطاء فكتب إلى أهل البصرة، وقدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين والحمد لله.
وقال ابن أبي الحواري: ما رأيت أبا مسهر تسهل لأحد من الناس سهولته ليحيى بن معين، ولقد قال له يوما: هل بقي معك شيء؟
وقال عبد الخالق بن منصور: قلت لابن الرومي: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا ابن معين ما كتبت الحديث، قال: وإنا لنذهب إلى الحديث فننظر في كتبه فلا نرى فيها إلا كل حديث صحيح، حتى يجيء أبو زكريا فأول شيء يقع في يده الخطأ، ولولا أنه عرفناه لم نعرفه، فقال ابن الرومي: وما تعجب، لقد نفعنا الله تعالى به، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته، ولقد كنا في مجلس لبعض أصحابنا فقلت له: يا أبا زكريا ما نفيدك حديثا، وفينا يومئذ علي وأحمد، فقال: وما هو؟ فقلت: حديث كذا وكذا، فقال: هذا غلط، فكان كما قال.
قال ابن الرومي: وكنت عند أحمد فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله انظر في هذه الأحاديث، فإن فيها خطأ، قال: عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ، قال: وكنت أنا وأحمد نختلف إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي فقال أحمد: ليت أن يحيى هنا، قلت: وما تصنع به؟ قال: يعرف الخطأ.
وقال علي بن سهل بن المغيرة: سمعت أحمد يقول في دهليز عفان، فذكر نحو هذه القصة.
وقال عبد الخالق: حدثني أبو عمرو أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور.
قال ابن أبي حاتم: سمعت عباس الدوري يقول: رأيت أحمد يسأل يحيى بن معين عند روح بن عبادة: من فلان؟ ما اسم فلان؟.
قال الأصم عن الدوري: رأيت أحمد في مجلس روح بن عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء، يقول: يا أبا زكريا كيف حديث كذا؟ وكيف حديث كذا؟ يريد أن يستثبته في أحاديث قد سمعوها، كل ما قال يحيى كتبه أحمد، وقلما سمعت أحمد يسميه باسمه بل يكنيه.
وقال سليمان بن عبد الله: سمعت أحمد يقول: ها هنا رجل خلقه الله تعالى لهذا الشأن، يظهر كذب الكذابين، يعني ابن معين.
وقال الأثرم: رأى أحمد يحيى بن معين بصنعاء يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس، فقال له أحمد: تكتب هذه الصحيفة وتعلم أنها موضوعة؟ فلو قال لك قائل: أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه؟ فقال: نعم أكتبها فأحفظها وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل لنا ثانيا.
وقال أحمد بن علي الأبار عن ابن معين: كتبنا عن الكذابين ثم سجرنا به التنور.
وقال أبو حاتم: إذا رأيت البغدادي يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض ابن معين فاعلم أنه كذاب.
وقال محمد بن هارون الفلاس: إذا رأيت الرجل يقع في ابن معين فاعلم أنه كذاب، إنما يبغضه لما بين من أمر الكذابين.
وقال محمد بن رافع: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل حديث لا يعرفه ابن معين فليس هو بحديث، وفي رواية: فليس هو ثابتا.