وقال الغلابي، عن ابن عائشة: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر، فسأله في خمس ديات فأعطاه.
روى له الثلاثة حديثا واحدا في الفتن.
وقال الترمذي، عن البخاري: لا أعرف له غيره.
قلت: سِيمِينْكُوش: بكسر المهملة والميم، بينهما مثناة من تحت، وبعد الميم أخرى، ثم نون ساكنة وكاف مضمومة وواو ساكنة، ثم معجمة، ثم قيل: هو اسم والده، وقيل: بل لقبه، وقيل: هو بألف بدل التحتانية التي بعد الميم، وقيل: بالواو بدل الألف، وقيل: بالميم الممالة، وقيل: بحذف التحتانية الثانية، وقيل: بقاف بدل الكاف، وقيل: بكاف مشوبة بقاف، وقيل: بجيم مشوبة بكاف، وقيل: في الأولى بحذف الواو.
والذي يظهر لي بعد التأمل الطويل أنه آخر غير زياد الأعجم الشاعر، فإني ما وجدت أحدا من المؤرخين ولا ممن ذكر من طبقات الشعراء ذكر أن اسم والد الأعجم سيمين كوش، ولا أنه لقبه، بل أطبقوا على أنه ابن سليم، أو أسلم، أو سليمان، أو سلمى، وقيل: اسم أبيه جابر، وقيل: الحارث، وأنه مولى عبد القيس، وأنه من إصطخر، أو سيف البحر من بلاد عبد القيس، وقدم البصرة وسكن خراسان ومدح وهجا، ولا ذكر أحد منهم أنه روى الحديث، وإنما نقلت عنه حكايات (فمنهم) خليفة بن خياط، والمدائني، ومحمد بن سلام الجمحي، وأبو محمد بن قتيبة، والمبرد، والهيثم بن عدي، وابن دريد، والجاحظ، ودعبل، وابن المعتز، والزبيدي، وأبو سعيد السكري، ومحمد بن حبيب، ومن المتأخرين: ابن عساكر في تاريخه الكبير، وهو عمدة المزي الكبرى.
وأما أهل الحديث، فلم يذكر أحد منهم في ترجمة زياد الذي روى عنه طاوس أنه الشاعر، ولا أنه من عبد القيس، ولا أنه من أهل إصطخر، ولا سكن خراسان، بل أطبقوا على أنه اليماني، وأنه سيمينكوش، أو هو اسم أبيه، وذكروا أنه روى حديثا واحدا، وهو المخرج في هذه الكتب، إلا أن الشيرازي في كتاب الألقاب ذكر له حديثا آخر، فمنهم رأسهم البخاري، وتبعه مسلم، وابن أبي حاتم، وابن حبان في ثقات التابعين، ونبه على أن حديثه من رواية ليث بن أبي سليم، فقال: روى عنه طاوس من حديث ليث هذا لفظه، والذي وقع عند المزي أن فيه روى عنه ليث بن أبي سليم، ثم اعترض عليه، وهم نبه عليه مغلطاي، ووجدته كما قال في عدة نسخ.
ولم يذكر الحاكم أبو أحمد في الكنى زيادا الأعجم مع إطباقهم بأن كنيته أبو أمامة؛ لأنه لا رواية له في الحديث، ولم يذكر ابن عساكر في ترجمة زياد الأعجم الشاعر أنه يماني، ولا تعرض لسيمينكوش، ولا أن له رواية حديث نبوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وإنما أورد من طبقات خليفة بن خياط له حكاية عن عثمان بن أبي العاص، وأبي موسى الأشعري في كتاب ورد عليه من عمر، ولم يصرح بأنه حضرها، بل ذلك محتمل مع بعده؛ لأن في ترجمته أنه أدرك خلافة هشام، ومقتضى ذلك أن يكون عاش مائة أو أكثر، ولو كان كذلك لكان مدح الأمراء في زمن معاوية، ولم يذكروا له شيئا من ذلك إلا بعد موت عمر بنحو أربعين سنة، ولم يذكر صاحب الكمال في ترجمة الراوي إلا روايته عن عبد الله بن عمرو، ورواية طاوس عنه. ولا قال: إنه الأعجم، وقال: إنه يماني.
وكذا نسبه المزي في الأطراف، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، عن ليث، ثم وقفت على سبب الوهم فيه في بعض الروايات عن أبي داود، فإنه ساق السند إلى ليث، فقال: عن طاوس، عن رجل يقال له: زياد. . فذكر الحديث، وقال بعده: رواه الثوري، عن ليث، عن طاوس إلى هنا لأكثر الرواة عن أبي داود. زاد اللؤلؤي: وكثير منهم عن الأعجم.
ثم قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيس بن الطباع، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس - يعني عن ليث - عن زياد سيمين كوش، زاد أبو الحسن بن العبد في روايته: إنما هو زياد الأعجمي، كأنه يرد على من قال إنه زياد الأعجم، وإنما هو زياد الأعجمي؛ لكونه من أهل فارس الذين كانوا باليمن، وهذه الرواية التي وصف فيها بالأعجم هي التي حملت المزي على أنه الشاعر المشهور، وفي زيادة ابن العبد إشارة إلى رد ذلك وأنه غيره، ويقوي ذلك أيضا أن طاوسا يماني، وجل روايته عن الصحابة، فكأن هذا اليماني قديم أخذ عنه طاوس ببلده قبل أن يرحل ويسمع من عبد الله بن عمرو، فإن روايته عنه عند مسلم من حديث آخر.
قلت: وفي ثقات ابن حبان زيادة: ابن سيمونكوش