وقال ابن عدي: حدثنا أبو يعلى الموصلي، سمعت محمد بن المنهال الضرير يقول: قلت لأبي داود صاحب الطيالسة يوما: ما سمعت من ابن عون شيئا؟ قال: لا. قال: فتركته سنة - وكنت أتهمه بشيء قبل ذلك - حتى نسي ما قال، فلما كان سنة، قلت له: يا أبا داود، سمعت من ابن عون شيئا؟ قال: نعم. قلت: كم؟ قال: عشرون حديثا ونيف. قلت: عدها علي، فعدها كلها، فإذا هي أحاديث يزيد بن زريع ما خلا واحدا له ما أعرفه.
قال ابن عدي: وأبو داود الطيالسي كان في أيامه أحفظ من بالبصرة، مقدما على أقرانه؛ لحفظه ومعرفته، وما أدري لأي معنى قال فيه ابن المنهال ما قال، وهو كما قال عمرو بن علي: ثقة، وإذا جاوزت في أصحاب شعبة معاذ بن معاذ، وخالد بن الحارث، ويحيى القطان، وغندر، فأبو داود خامسهم، وله أحاديث يرفعها، وليس بعجب من يحدث بأربعين ألف حديث من حفظه أن يخطئ في أحاديث منها، يرفع أحاديث، يوقفها غيره، ويوصل أحاديث، يرسلها غيره، وإنما أتى ذلك من حفظه، وما أبو داود عندي وعند غيري إلا متيقظا ثبتا.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وربما غلط.
توفي بالبصرة سنة (٢٠٣) وهو يومئذ ابن (٧٢) سنة لم يستكملها.
وقال أبو موسى: مات سنة (٣) أو (٤).
وقال عمرو بن علي: مات سنة أربع ومائتين.
وكذا أرخه خليفة، زاد في ربيع الأول.
قلت: حكى أبو نعيم عن عامر بن إبراهيم الأصبهاني قال: س عت أبا داود قال: كتبت عن ألف شيخ.
وقال سليمان بن حرب: كان شعبة إذا قام أملى عليهم أبو داود ما مر لشعبة.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سألت أحمد بن حنبل عن من كتب حديث شعبة، قال: كنا نقول وأبو داود حي: يكتب عن أبي داود، ثم عن وهب، أما أبو داود فللسماع، وأما وهب فللإتقان.
وذكره ابن حبان في «الثقات».
وقال ابن أبي حاتم: قيل: إن أبا داود كان محله أن يذاكر شعبة. قال عبد الرحمن: وسمعت أبي يقول: أبو داود محدث صدوق، كان كثير الخطأ، وهو أحفظ من أبي أحمد.
وقال وكيع: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود.
وذكر يونس بن حبيب عن الزبيري أن أبا داود ذاكرهم بحضرة شعبة، فقال له شعبة: يا أبا داود لا نجيء بأحسن مما جئت به.
وذكر البخاري لأبي داود حديثا وصله، وقال: إرساله أثبت.
وقال الخطيب: كان حافظا مكثرا ثقة ثبتا.
وحكى الدارقطني في «الجرح والتعديل» عن ابن معين قال: كنا عند أبي داود، فقال: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى النبي ﵌ عن النوح. قال: فقيل: يا أبا داود، هذا حديث شبابة، قال: فدعه.
قال الدارقطني: لم يحدث به إلا شبابة. قال: وهذه قصة مهولة عظيمة في أبي داود.
قلت: أخطأ أبو داود في هذا الحديث، أو نسي، أو دلس فكان ماذا؟
وقال محمد بن منهال: حدثنا يزيد بن زريع، ثنا شعبة بحديثين، قال محمد: قال يزيد: حدثت بهما أبا داود فكتبهما عني، ثم حدث بهما عن شعبة.
قال الذهبي: دلسهما عنه، فكان ماذا؟
قلت: ويجوز أن يكون كان نسيهما، فلما حدثه يزيد بهما ذكرهما.
وقال الفلاس: لا أعلم أحدا تابعه على رفع حديث آية المنافق، وهو ثقة.
وقال الخليلي: حدثنا محمد بن إسحاق الكسائي، سمعت أبي، سمعت يونس بن حبيب قال: قدم علينا أبو داود، وأملى علينا من حفظه مائة ألف حديث، أخطأ في سبعين موضعا، فلما رجع إلى البصرة كتب إلينا بأني أخطأت في سبعين موضعا فأصلحوها.
ذكر المزي أن البخاري استشهد به، وهو كما قال،