• قوله تعالى (ربيون) قيل معناه: جموع كثيرة، واختاره الطبري، وقيل: الألوف، وقيل: الأتباع.
(وَمَا ضَعُفُوا) أي: ولا ضعفت أبدانهم.
(وَمَا اسْتَكَانُوا) أي: ما ذلوا لعدوهم، بل صبروا وثبتوا.
• قال صاحب "الكشاف": ما وهنوا عند قتل النبي وما ضعفوا عن الجهاد بعده وما استكانوا للعدو، وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن والانكسار، عند الإرجاف بقتل رسولهم، وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين.
• قال القرطبي: ومعنى الآية تشجيع المؤمنين، والأمر بالاقتداء بمن تقدّم من خِيار أتباع الأنبياء؛ أي كثير من الأنبياء قُتِل معه رِبِّيُّون كثير، أو كثير من الأنبياء قتِلوا فما ارتد أممهم؛ قولان: الأوّل للحسن وسعيد بن جبير.
قال الحسن: ما قُتِل نبي في حرب قط.
وقال ابن جبير: ما سمعنا أن نبياً قتل في القتال.
• قال ابن عاشور: قوله تعالى (فما وهنوا) أي الربّيّون؛ إذ من المعلوم أنّ الأنبياء لا يهنون؛ فالقدوة المقصودة هنا، هي الاقتداء بأتباع الأنبياء، أي لا ينبغي أن يكون أتباع من مضى من الأنبياء، أجدر بالعزم من أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وجمع بين الوهن والضّعف، وهما متقاربان تقارباً قريباً من الترادف؛ فالوهن قلَّة القدرة على العمل، وعلى النُّهوض في الأمر، والضّعف بضم الضّاد وفتحها ضدّ القوّة في البدن، وهما هنا مجازان، فالأوّل أقرب إلى خور العزيمة، ودبيب اليأس في النُّفوس والفكر، والثَّاني أقرب إلى الاستسلام والفشل في المقاومة.
وأمّا الاستكانة فهي الخضوع والمذلّة للعدوّ.
ومن اللطائف ترتيبها في الذّكر على حسب ترتيبها في الحصول: فإنَّه إذا خارت العزيمة فَشِلت الأعضاء، وجاء الاستسلام، فتبعته المذلّة والخضوع للعدوّ.