(أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ) أي: أن تطلبوا نكاح من وقع نظركم واختياركم عليهن من النساء اللتي أحلهن الله لكم بما تدفعون من المهور.
• وفي هذا دليل على وجوب المهر وأنه لا يجوز للمرأة أن تهب نفسها.
(مُحْصِنِينَ) أي: والحال أنكم متزوجين الزواج الشرعي الذي يحصن فروجكم وفروج زوجاتكم، متعففين به عن الزنا.
(غَيْرَ مُسَافِحِينَ) أي: غير زانين، وسمي الزنا سفاحاً والزاني مسافحاً، لأن قصد الزاني هو سفح الماء ودفقه ونيل اللذة والشهوة دون المقاصد الشريفة للنكاح الشرعي.
• والمعنى: بين لكم - سبحانه - ما حرم عليكم من النساء، وأحل لكم ما وراء ذلكم، من أجل أن تطلبوا الزواج من النساء اللائي أحلهن اللّه لكم أشد الطلب، عن طريق ما تقدمونه لهن من أموالكم كمهور، وبذلك تكونون قد أحصنتم أنفسكم ومنعتموها عن السفاح والفجور والزنا.
(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أي: فما استمتعتم به منهن بالنكاح الشرعي الصحيح فأعطوهن مهورهن.
• فالمراد بالاستمتاع هنا الاستمتاع الشرعي (الزواج) وليس نكاح المتعة ويدل عليه حديث (وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج).
• والاستمتاع: طلب المتعة والتلذذ بما فيه منفعة ولذة، والمراد بقوله أُجُورَهُنَّ أي: مهورهن لأنها في مقابلة الاستمتاع فسميت أجراً.
• قال ابن كثير: وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعاً في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وقد روى عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة، ولكن الجمهور على خلاف ذلك، والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب قال: نهى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وفي صحيح مسلم عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أنه كان مع رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- (يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع
من النساء، وإن اللّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كانت عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً).