ثم الآية عند التأمل تدل على هذا القول (أن المراد بالملامسة فيها الجماع) وبيان ذلك: أن الله تعالى قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) فهذه طهارة بالماء أصليّة صغرى. ثم قال (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا) فقوله (فَتَيَمَّمُواْ) هذا البدل، وقوله (أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ) هذا بيان سبب الصغرى، قوله (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء) هذا بيان سبب الكبرى، ولو حملناه على المس الذي هو الجسُّ باليد، كانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت الله عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ) وهذا خلاف البلاغة القرآنية، وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء) أي: جامعتم ليكون الله تعالى ذكر السببين الموجبين للطهارة. (الشرح الممتع)
• في هذا أن الجنب إذا لم يجد الماء يتيم، ويدل ذلك حديث عمران بن حصين (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصلّ في القوم، فقال: يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم؟ قال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك) متفق عليه
• قال النووي: ولم يخالف فيه أحد من الخلف ولا أحد من السلف إلا ما جاء عن عمر وعبد الله بن مسعود، وحكي مثله عن إبراهيم النخعي التابعي، وقيل إن عمر وعبد الله رجعا عنه.