(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) تقدم، ومعناه: أدوا الصلاة فرضها ونفلها تامة كاملة قائمة، بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها.
وَآتُوا الزَّكَاةَ) تقدم. ومعناه: أعطوا الزكاة المفروضة طيبة بها نفوسكم لمستحقيها.
والزكاة شرعاً: دفع مال مخصوص لطائفة مخصوصة تعبداً لله تعالى.
قال الشيخ ابن عثمين رحمه الله: إن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من أسباب النصر، لأن الله ذكرها بعد قوله (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) وقد جاء ذلك صريحاً في قوله تعالى (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ) أي: وما تقدموا لأنفسكم في حياتكم من خير أيا كان ومهما كان، قل أو كثُر.
(تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ) أي: تلقوه عند الله يوم القيامة، مدخراً لكم ثوابه مضاعفاً لكم أجره.
كما قال تعالى (وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً).
وقال تعالى (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
وفي قوله (لِأَنْفُسِكُمْ) استجاشة للضمائر، وتحريك للهمم، بأن الإنسان إذا عمل، إنما يعمل لنفسه، كما قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (كل الناس يغدوا، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) رواه مسلم.
قال الشوكاني: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ … ) حثّ من الله سبحانه لهم على الاشتغال بما ينفعهم ويعود عليهم بالمصلحة، من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. وتقديم الخير الذي يثابون عليه حتى يمكن الله لهم، وينصرهم على المخالفين لهم.
جاء في الحديث (إن العبد إذا مات قال له الناس ما خلف، وقالت له الملائكة ما قدم).
وخرج البخاري عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أيُّكُم مَالُ وَارِثِهِ أحبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟) قالوا: يَا رسول اللهِ، مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ: (فإنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالَ وَارِثِهِ مَا أخَّر).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) رواه مسلم.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- (مَا بَقِىَ مِنْهَا، قَالَتْ مَا بَقِىَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُها، قَالَ: بَقِىَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا). رواه الترمذي.