• قال السعدي:(فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) أي: يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه.
(ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ) أي: لإضلال أتباعهم، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى هو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ) وبقوله (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله، وعبد، ورسول من رسل الله.
(وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) أي: تحريفه على ما يريدون.
• نستفيد أن من علامة زيغ القلب اتباع المتشابه.
• يستطيع متَّبع المتشابه أن يستدل على جواز الكفر بقول الله (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) فيزعم أن الله تعالى خيَّر الناس بين الإيمان والكفر، والتخيير بينهما يقتضي استواءهما، ويغضُّ الطرف عن الآيات الكثيرة التي تتوعد الكافر بالنار، ومنها آخر هذه الآية التي يُستدَل بها على فساد قوله؛ فهي في سياق التهديد والوعيد وليس فيها تخيير (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) وقد استدل بهذه الآية على الحرية الدينية كثير ممن فتنوا بالغرب وحريته.
ويستطيع متَّبع المتشابهات أن يحكم بالجنة لأصحاب الديانات الأخرى ممن كفروا بالإسلام مستدلاً بقول الله تعالى (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) متعامياً عن
معنى الآية وهو (من آمن منهم برسوله قبل بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- ومات على إيمانه)، ويترك هذا الملبِّس مئات الآيات والأحاديث التي تحكم بالنار لكل من لم يتبع دين محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكثير من الليبراليين يستدل بها على صحة دين الكفار!.