للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ويستطيع النصراني أن يستدل على عقيدة التثليث، وعلى بنوَّة المسيح لله بالقرآن الكريم؛ مع أنها شرك أكبر، وقَدْح في الله تعالى؛ وذلك حين يأتي النصراني إلى الآيات التي فيها أن عيسى -عليه السلام- يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويخبر ببعض الغيب فيستدل بها على ألوهية عيسى -عليه السلام- باعتبار أن هذه الأفعال التي قام بها عيسى من خصائص الله تعالى ويعمى عن الآيات التي تثبت بشريته؛ وأنه مخلوق لله وأنه تعالى أجرى على يديه هذه الخصائص معجزة تثبت صدقه -عليه السلام- كما قال تعالى (إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).

ثم يأتي إلى الآيات التي تثبت أن عيسى ولد بلا أب فيستدل بها على بنوَّته لله تعالى ويعمى عن الآيات الكثيرة التي تنفي الولد عن الله تعالى والآيات التي تذكر قصة ولادة عيسى عليه السلام.

ثم يأتي إلى الآيات القرآنية التي فيها كلام الله - سبحانه وتعالى - عن نفسه بصيغ جمع العظمة نحو قوله تعالى (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فيَدَّعي أن الله - سبحانه وتعالى - متعدد وليس واحداً، ويعمى عن الآيات التي فيها إثبات وحدانية الله تعالى وبطلان عقيدة التثليث والآلهة المتعددة نحو قول الله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إلَهٍ إلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ).

وقد روى أئمة التفسير وأهل السير أن نصارى نجران احتجوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الحجج زاعمين ألوهية عيسى وبنوته لله سبحانه وتعالى فأنزل سبحانه صدر سورة آل عمران في دحض حججهم.

وإذا كان بإمكان متَّبع المتشابه أن يصحح العقائد الزائفة، ويساوي الكفر بالإيمان، ويحكم لأصناف الكفار بالجنة، ويستدل لما يقول بنصوص ينتقيها من القرآن، وُيعرِض عن غيرها على طريقة أهل الكتاب في إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعضه؛ فإنه يستطيع من باب أَوْلى أن يبيح ما دون الشرك والكفر من المحرمات: كالاختلاط، والخلوة بالأجنبية، وسفر المرأة بلا محرم، وغير ذلك من المحرمات، ويستدل لما يريد بنصوص مشتبهة ويترك المحكم الواضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>