حيوة بن شريح أوصى بكتبه إلى وصي لا يتقي الله، وكان يذهب فيكتب من كتب حيوة حديث الشيوخ الذين شاركه ابن لهيعة فيهم، ثم يحمل إليه فيقرأ عليهم. قال: وحضرت ابن لهيعة، وقد جاءه قوم فقال: هل كتبتم حديثا طريفا؟ قال: فجعلوا يذاكرونه حتى قال بعضهم: ثنا القاسم العمري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه: إذا رأيتم الحريق فكبروا الحديث.
فكان ابن لهيعة يحدث به، ثم طال ذلك عليه ونسي فكان يقرأ عليه في جملة حديث عمرو بن شعيب ويجيزه.
ورواها ميمون بن الأصبغ عن ابن أبي مريم، وزاد أن اسم الرجل الذي حدث به ابن لهيعة زياد بن يونس الحضرمي.
وقال يحيى بن بكير: قيل لابن لهيعة: إن ابن وهب يزعم أنك لم تسمع هذه الأحاديث من عمرو بن شعيب، فقال: وما يدريه سمعتها منه قبل أن يلتقي أبواه.
وقال حنبل، عن أحمد: ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيرا مما أكتب أعتبر به، وهو يقوي بعضه ببعض.
وقال حنبل: وسمعت أحمد يقول: ابن لهيعة أجود قراءة فكتبه من ابن وهب.
وقال أبو داود، عن أحمد: ومن كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه، وضبطه، وإتقانه.
قال أبو داود: وسمعت قتيبة يقول: كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه أو كتب ابن وهب إلا حديث الأعرج.
وقال الميموني، عن أحمد، عن إسحاق بن عيسى: احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين، ومات سنة ثلاث أو أربع وسبعين.
وقال البخاري، عن يحيى بن بكير: احترقت كتب ابن لهيعة سنة سبعين ومائة.
وكذا قال يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، عن أبيه، ولكنه قال: لم تحترق بجميعها، إنما احترق بعض ما كان يقرأ عليه، وما كتبت كتاب عمارة بن غزية إلا من أصله.
وقال أبو داود: قال ابن أبي مريم: لم تحترق.
وقال الحسن بن علي الخلال، عن زيد بن الحباب: سمعت الثوري يقول: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع.
قال: وسمعته يقول: حججت حججا لألقى ابن لهيعة.
وقال أبو الطاهر بن السرح: سمعت ابن وهب يقول: حدثني - والله - الصادق البار عبد الله بن لهيعة.
وقال يعقوب بن سفيان: سمعت أحمد بن صالح، وكان من خيار المتقنين يثني عليه. وقال لي: كنت أكتب حديث أبي الأسود في الرق، ما أحسن حديثه عن ابن لهيعة. قال: فقلت له: يقولون سماع قديم وحديث، فقال: ليس من هذا شيء، ابن لهيعة صحيح الكتاب، وإنما كان أخرج كتبه فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء، فمن ضبط كان حديثه حسنا إلا أنه كان يحضر من لا يحسن، ولا يضبط، ولا يصحح ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا، ولم ير له كتاب، وكان من أراد السماع منه استنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأ عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح، ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير، وكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء، وروى عن رجل عن عطاء، وعن رجلين عن عطاء، وعن ثلاثة عن عطاء فتركوا من بينه وبين عطاء، وجعلوه عن عطاء.
قال يعقوب: وقال لي أحمد: مذهبي في الرجال أني لا أترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصر على ترك حديثه.
وقال إبراهيم بن الجنيد: سئل ابن معين عن رشدين فقال: ليس بشيء، وابن ليهعة أمثل منه، وابن لهيعة أحب إلي من رشدين، قد كتبت حديث ابن لهيعة، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات، وقال: وكان ابن أبي مريم سيئ الرأي فيه، وكان أبو الأسود راوية عنه.
وقال يحيى بن بكير، وغيره: ولد سنة ست وتسعين.
وقال ابن يونس، وابن سعد: سنة سبعين.
وقالا: ومات يوم الأحد نصف ربيع الأول سنة أربع وسبعين.
وفيها أرخه غير واحد.
وقال هشام بن عمار: مات سنة سبعين. ولم يوافقه أحد على هذا.
روى له مسلم مقرونا بعمرو بن الحارث.
وروى البخاري في الفتن من «صحيحه» عن المقرئ عن حيوة، وغيره عن أبي الأسود قال: قطع على أهل المدينة