للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكفيرهم. قال: فقيل لي: إنه بكى حين قرأ كتابي، ثم رأيته بعد، فقلت له فقال: ما في قلبي شيء مما أجبت إليه، ولكني خفت أن أقتل. قال: وتعلم ضعفي أني لو ضربت سوطا واحدا لمت، أو قال شيئا نحو هذا.

قال ابن عمار: ودفع عني ابن المديني، وعن غير واحد من أهل المحنة شفع إلى ابن أبي دؤاد، قال ابن عمار: ما أجاب ديانة إلا خوفا.

وقال أبو يوسف القلوسي: قلت لعلي ابن المديني: مثلك في علمك تجيب إلى ما أجبت إليه؟ فقال لي: يا أبا يوسف ما أهون عليك السيف.

وعن علي بن الحسين بن الوليد قال: لما ودعت علي ابن المديني قال لي: بلغ قومك عني أن الجهمية كفار، ولم أجد بدا من متابعتهم لأني حبست في بيت مظلم، وفي رجلي قيد حتى خفت على بصري، فإن قالوا: يأخذ منهم فقد سبقت إلى ذاك قد أخذ من هو خير مني.

وقال ابن الجنيد ذكر علي ابن المديني عند يحيى بن معين، فحملوا عليه فقلت: يا أبا زكريا ما علي عند الناس إلا مرتد، فقال: ما هو بمرتد، وهو على إسلامه رجل خاف فقال (١).

وقال الحاكم: سمعت ابن الأخرم يذكر فضل علي ابن المديني، وتقدمه، وتبحره في هذا العلم، فقال له بعض أصحابنا: قد تكلم فيه عمرو بن علي، فتكلم في عمرو بن علي بكلام سيئ.

وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت عليا على المنبر يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم أن الله لا يرى فهو كافر، ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر.

وقال محمد بن مخلد: سمعت محمد بن عثمان بن أبي شيبة يقول: سمعت علي ابن المديني قبل أن يموت بشهرين يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سمعت علي ابن المديني يقول: هو كفر - يعني: القول بخلق القرآن -.

وقال علي بن أحمد بن النضر: ولد علي ابن المديني سنة (١٦١).

وقال حنبل، والحضرمي، والبغوي، والحارث بن أبي أسامة: مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.

وفيها أرخه البخاري، وزاد: يوم الاثنين ليومين بقيا من ذي القعدة.

وقال يعقوب بن سفيان، وعبيد بن محمد بن خلف: مات سنة (٣٥).

قال الخطيب: والقول الأول أصح.

قلت: تكلم فيه أحمد ومن تابعه لأجل ما تقدم من إجابته في المحنة، وقد اعتذر الرجل عن ذلك وتاب وأناب.

وقال البخاري في رفع اليدين: كان أعلم أهل عصره.

وقال ابن حبان في الثقات: ولد بالبصرة سنة (٦٢)، وكان من أعلم أهل زمانه بالعلل حديث رسول الله رحل، وجمع، وكتب، وصنف، وذاكر، وحفظ.

وقال أبو جعفر العقيلي: جنح إلى ابن أبي دؤاد والجهمية، وحديثه مستقيم إن شاء الله تعالى.

وقال النسائي: ثقة مأمون أحد الأئمة في الحديث.

وقال في الحج في السنن: خلق للحديث.

وقال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: لا يرتاب في صدقه، وترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل المحنة قال: وكان أبي يروي عنه لنزوعه عما كان منه.

وقال جعفر بن أحمد بن سالم أردت أن أخرج إلى البصرة فقلت لابن معين: يا أبا زكريا عن من أكتب؟ فسميت رجالا حتى ذكرت ابن المديني قال: وأبو خيثمة جالس في ناحية منا فقال: لا، ولا كرامة لا تكتب عنه، فسكت يحيى حتى فرغ، ثم قال لي: إن حدثك فاكتب عنه فإنه صدوق.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند بعد أن روى عن أبيه عن علي حديثا: لم يحدث - أي بعد المحنة - عنه بشيء.


(١) كان هنا في المطبوع جملة مقحمة على النص ومصحفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>