ولو أنا قدّرنا أن الواضع وضع بإزاء معنى الأمر لفظ (افعل) وبإزاء معنى الخبر لفظ (افعل) لكان المتكلم بلفظ (افعل) آمراً، والمتكلم بلفظ (افعل) مخبرا.
فعلمنا أن تحديد ماهية الأمر بالصيغة المخصوصة باطل.
الثاني: أن المطلوب تحديد ماهية الأمر من حيث إنه الأمر، وهي حقيقة لا تختلف باختلاف اللغات، فإن التركي قد يأمر وينهى، وما ذكروه لا يتناول إلا الألفاظ العربية.
فإن قلت: قوله: (أو ما يقوم مقامه): احتراز عن هذين الإشكالين اللذين ذكرتهما.
قلت: قوله: (أو ما يقوم مقامه) يعني به كونه قائما مقامه في الدلالة على كونه طالبا للفعل، أو يعني به شيئا آخر؟!
فإن كان المراد هو الثاني: فلا بد من بيانه؛ وإن كان المراد هو الأول، صار معنى حد الأمر هو قول القائل لمن دونه:(افعل) أو ما يقوم مقامه في الدلالة على طلب الفعل.
وإذا ذكرناه على هذا الوجه، كأن قولنا:(الأمر هو اللفظ الدال على طلب الفعل) كافيا؛ وحينئذ يقع التعرض لخصوص صيغة (افعل) ضائعًا.
الثالث: أنا سنبين إن شاء الله تعالى أن الرتبة غير معتبرة؛ وإذا ثبت فساد هذين الحدين، فنقول: الصحيح أن يقال: (الأمر: طلب الفعل بالقول؛ على سبيل الاستعلاء) ومن الناس من لم يعتبر ها القيد الأخير.