القضايا المظنونة يدل على أنه غير العلم، فيكون الكلام النفساني غير العلم والإرادة، وهو قائم بالنفس، لأن هذه الأحكام قائمة بالنفوس، أو نقول: كل من علم أن الحيوان جسم فلا بد أن يسند الجسمية للحيوان، وإسناده الجسمية إليه خبر عنه، فنقول حينئذ: كل عالم بإسناد أمر إلى أمر [هو مخبر بثبوت ذلك الأمر إليه ضرورة وكل مخبر متكلم، فكل عالم بإسناد أمر إلى أمر متكلم]، وكذلك نقول: الله عز وجل عالم بإسناد أمر إلى أمر باتفاقنا، وكل عالم مخبر، وكل مخبر متكلم، فالله تعالى متكلم بكلام نفساني قائم بذاته، لأن هذه الإسنادات نفسانية قائمة بالذات، وكل متكلم يصح منه الأمر، والنهي، والخبر، ومن ذلك الكلام، فالله سبحانه وتعالى يصح منه الزمر النفساني وهو غير الإرادة والعلم، لما تقدم، فيكون فيكون أمر الله تعالى غير إرادته وعلمه، وهو معنى قائم بذاته تعالى، فظهر أن إثبات الكلام من أسهل الأشياء طريقا بهذا التقرير، مع أن المشهور أن أصعب شيء في علم الكلام إثبات الكلام، فقد تيسر ثبوته، والفرق بينه وبين غيره، بأيسر سعي، ولله الحمد، ومن العجب أنه شيء لم يقل به إلا أصحابنا، ولا غرو في أنه واحد وهو أمر، ونهي، وخبر، كما أن الخبر [واحد، وهو] بشارة ونذارة، ووعد ووعيد، وهو واحد، والسر في ذلك أن الواحد قد يتعدد باعتبار متعلقاته، فالكلام باعتبار كونه متعلقا برجحان الفعل أمرا، ويرجحان الترك نهائيا، وبالتسوية بين الأمرين إباحة، وعلي طريق البيع للوقوع يكون خبرا، وتعدد الواحد بنفسه بسبب إضافات تعرض له جائز.
المسألة الثانية
قال القرافي: قوله: (أنت بالخيار في إطلاق لفظ الأمر على أيها شئت).
التخيير هاهنا باعتبار الإمكان العقلي لا باعتبار الجواز اللغوي، وقد تقدم حكاية التبريزي فيها ثلاثة مذاهب: