أما (الأولى) واللائق أن يقول: (أما الثاني)، فإن هذه المثل وردت في الأحاديث المرفوعة الأواخر لا مجزومة الأواخر، والرفع لا يكون في النهي، لأن النهي مجزوم، فتكون هذه المثل مثلا لإقامة الخبر مقام النهي، لا إقامة النهي مقام الخبر فتأمل ذلك، ثم إنه مثل لأحد القسمين دون الآخر.
ومثال النهي القائم مقام الخبر، الذي تركه، وإن كان لفظه يقتضي غير ذلك قولنا: إن لم يكن الفعل قبيحا فلا تستح منه، أي: أنت لا تستحي منه حينئذ، وإن علمت زنه خائن فلا تطمئن إليه، أي هذا شأنك معه، ومن هذه المسألة قوله تعالى:(وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم] [العنكبوت:١٢]، وهم لا يأمرون أنفسهم، فيكون ذلك خبرا تقديره: نحن نحمل خطاياكم.
وكذلك قوله تعالى: (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا) [مريم:٧٥]، أي مد له الرحمن مدا لأن الله تعالى لا يأمر نفسه وهذا المثل أصرح من المتقدمة.