للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أضيف الأول، فالعموم فيه ظاهر، وإضافة الثاني فيه تظهر.

ففرق بين قول الإنسان: عبيدي أحرار، وبين قوله: عبدي حر أن التعميم في الأول دون الثاني، وسيأتي تحريره في (باب العموم) إن شاء الله تعالى.

فهل (أمر) مما يصدق على الكثير، فيقال للأوامر الكثيرة: أمر أم لا؟

إن لم يمنع استقام البحث.

قوله: (لما لم تحصل موافقة الأمر حصلت مخالفته):

قلنا: الخصم قد قال: موافقة الأمر اتيان بمقتضاه على الوجه الذي اقتضاه، فإذا اقتضى ندبا، ففعلناه وجوبا لا نكون موافقين له، ثم إن الموافقة والمخالفة ضدان، لا نقيضان، والضدان يمكن ارتفاعهما، ألا ترى أنه قبل ورود الأمر لا موافقة ولا مخالفة؟ وكذلك قبل وجود العالم لم يوجد طائع ولا عاص، ولا موافق لأمر الله تعالى ولا مخالف، فإن الموافقة عند الخصم الإتيان به على وجه الوجوب مخالفة الأمر، فلا يتجه المدرك من الآية على هذا التقدير على أن الأمر للوجوب، وهي إنما دلت على أن المخالف يحذر، فالخصم يقول بموجب الآية، ويقول: المخالف عندي هو الآتي بالفعل على سبيل الوجوب.

قوله: (هذا يكون لموافقة الدليل الدال على كون ذلك الأمر حقا، لا موافقة الأمر):

قلنا: تقريره: أن اعتقاد أن هذا الأمر حق إنما نشأ عن المعجزة الدالة على النبوة لا عن الأمر.

فالمعجزة: هي الدليل الدال على أن الأمر حقّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>