قلنا: كيف يصح ذلك والقائل بأن صيغة الأمر للندب فقط يقول به، والقائل: بأنها للإباحة فقط يقول به، والقائل بأنها للقدر المشترك بينهما يقول به، وهي مذاهب قد حكاها قبل هذا في موضوع الصيغة، حيث ذكر أنها وردت في خمسة عشر موضعًا.
قوله:(لو كان حقيقة في أصل الترجيح لم يكن جعله مجازا في الوجوب).
قلنا: قد تقدم السؤآل على هذا، وأنه ممكن غير أنه مرجوح، وأنه من باب اعتقاد اتحاد دلالة اللفظ، والدلالة باللفظ، وأن اللازم في هذا المقام هو زن التجوّز عن الوجوب أرجح، لأن التجوز عن أصل الرجحان غير ممكن ولو سلك المصنف هذا القدر من الترجيح كفاه، واستغنى عن هذه المقدمة الباطلة.
قوله:(وإذا بطلت الأقسام الثلاثة تعين جعله حقيقة في الوجوب).
قلنا: نفي من أصل التقسيم قسم، لم يتعرض له بالإبطال، وهو ألا يكون حقيقة في واحد منهما- كما قاله أرباب الإباحة وإذا لم يثبتوا إبطال هذا القسم، فلعل الحق فيه.
قوله:(دل اللفظ على معنى، فوجب أن يكون مانعا من نقيضه كالخبر).
تقريره: أن الخبر في لسان العرب: ما وضع للصدق والكذب، معناه بالنظر: أي ما يمكن أن يحصل فيه من جهة المتكلم لا من جهة الوضع؛ فإن المتكلم قد لا يوافق الصدق، فيخبر بالشيء على خلاف ما هو عليه، كما لا يوافق الوضع، فيستعمل اللفظ مجازا،
فموافقة المتكلم للوضع غير لازمة، وبهذا الطريق احتمل الخبر الصدق والكذب، لا باعتبار الوضع، ألا ترى أئمة النحو حيث قالوا: مدلول