للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الإباحة كميزان ورد على أحد كفتيها رطل بعد أن كان في الكفة الأخرى رطل، فإنه يحصل التساوي، فهذا الفرق بين ورود الأمر بعد الحظر، فمقتضى هذا القاعدة أن يكون أيضا للإباحة.

واختلف القائلون بأن الأمر بعد الحظر للإباحة هاهنا.

فمنهم من طرد أصله وقال بالإباحة.

ومنهم من قال للتحريم، وفرق بين الحظر والإباحة، والأمر المتأخر بأن الأول أمر يتبع المصالح، والنواهي تتبع المفاسد، وعناية العقلاء، والشارع بدرء المفاسد أكثر من عنايتهم بتحصيل المصالح، ولأن ترجيح النهي يفضي إلى موافقة الأصل، لأن الأصل عدم الفعل، والأمر يقتضي الفعل فبينهما فرقان، فهذه فروق هذه المسألة، وسر مداركها عند الفرق.

قوله: (المعارض لا يصلح أن يكون معارضا، لأنه منا يجوز الانتقال من الحظر للإباحة يجوز الانتقال من الحظر للوجوب، والعلم به ضروري)

قلنا: الجواب مسلم، وهو لا ينافي مقصود الخصم، فإن الخصم إنما ادّعى الدلالة الظاهرة على الإباحة، والجواب لا ينافي الظهور، وبهذا أجيب عن صورة الحائض وغيرها، فإن تلك الصورة قيل: لا تفيد بوقوعها إلا الجواز ما بقي الطهور، فلا يحصل المقصود من الاستشهاد بها.

قوله: (يدل على الإباحة قوله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا) [المائدة٢] وماذكر معه من الأيات)

قلنا: الدعوى عامة أن كل أمر بعد الحظر للإباحة، ولم يثبتوا ذلك إلا في صور قليلة، ومتى كان المطلوب عاما، والدليل خاصا لا يفيد، كمنا يقول: كل لحم حرام، لأن لحم الخنزير حرام، أو كل عدد زوج، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>