والقصد، فيجب أن يكون الوضع له متقدما على الوضع للموصوف أيضا، هذا بالنظر إلى المعنى، وبالنظر إلى الموضوع أيضا، وهذا اللفظ يعلم أن وضع المفرد يتقدم على وضع المركب، وقد دل الاستقراء على اعتبار هذين المعنيين، فإن موضوع المفردات كلها أصل بالإضافة إلي موضوع المركبات منها، كمسمى الرجل بالإضافة إلى الرجل الطويل، والأسود بالإضافة إلى الأسود المشرقي، وهلّم جرا، وإذا فهم هذا فنقول: طلب الماهية أصل بالإضافة إلى طلبها أبدا أو مرة، والنظر في لفظ مفرد، فتعين الوضع له واجب بالطبع، وموجب الحكمة، وحكم للاستقراء.
قال: ووجه آخر لا بأس به: لو كان الأمر موضوعا لأحدهما لكان التصريح بالمعنى الآخر مناقضة للوضع، ولو كان للقدر المشترك لكان التصريح إتماما وبيانا والثاني أظهر.
وتطرد هذه الأدلة كلها في مسألة الفور والتراخي.
قلت: ويرد عليه في الوجه الأول أنه قد صار حيث قال: سقط العتب، وحصل العذر بالمرة الواحدة، والخصم لا يسلم شيئا من ذلك، وكذلك عند الخصم لا يصدق الإخبار بقوله:(فعلت) مقتضى الأمر، إلا أن يصرح بالدوام، فهذه مصادرة من غير حجة.
وقوله: إن مسمى المصدر قدر مشترك بين جميع الأفعال مسلم، ولكن العرب وضعت المصدر المنكر لمطلق الفعل اتفاقا، واختلفت أوضاع الأفعال، فالنهي للتكرار على الصحيح، والأمر عند الخصم كذلك، والاعتماد على الممصدر لا يتجه ألبتة.