قال الرازي: في أن مطلق الأمر لا يفيد الفور، فالت الحنفية: إنه يفيد الفور، وقال قائلون: إنه يفيد التراخي، وقالت الواقفية: إنه مشترك بين الفور والتراخي.
والحق أنه موضوع لطلب الفعل، وهو القدر المشترك بين طلب الفعل على الفور، وبين طلبه على التراخي، ومن غير أن يكون في اللفظ إشعار بخصوص كونه فورا أو تراخيا.
لنا وجوه:
أحدها: أن الأمر قد يرد عندما يكون المراد منه الفور تارة، والتراخي أخرى، فلا بد من جعله حقيقة في القدر المشترك بين القسمين، دفعا للاشتراك والمجاز، والموضوع لإفادة القدر بين القسمين لا يكون له إشعار بخصوصية كل واحد من القسمين، لأن تلك الخصوصية مغايرة لمسمى اللفظ، وغير لازمة له، فثبت أن اللفظ لا إشعار له لا بخصوص كونه فورا ولا بخصوص كونه تراخيا وثانيها: أنه يحسن من السيد أن يقول: (افعل الفعل الفلاني في الحال أو غدا) ولو كان فورا داخل لفظ (افعل) لكان الأول تكرارا، والثاني نقضا، وأنه غير جائز.
وثالثها: أن أهل اللغة قالوا: لا فرق بين قولنا: (يفعل) وبين قولنا: (افعل) إلا أن الأول خبر، والثاني أمر، لكن قولنا:(يفعل) لا إشعار له بشيء من الأوقات، فإنه يكفي في صدق قولنا:(يفعل) إتيانه به في أي وقت كان من