الثالث: أنا نقول: المقتضى لحل الوطء هو النكاح، أو ملك اليمين، وما كان معللا بأمر حادث يستحيل أن يكون قديما، فثبت أن الحكم يمتنع أن يكون قديما، والخطاب قديم، فالحكم لا يكون عين الخطاب.
وثانيها: أن الأحكام خارج عن هذا الحد، وهو كون الشيء سببا وشرطا ومانعا وصحيحا وفاسدا.
وثالثها: أن الحكم الشرعي قد يوجد في غير المكلف؛ وذلك كجعل إتلاف الصبي سببا لوجوب الضمان، وجعل الدلوك سببا لوجوب الصلاة.
ورابعها: أنك أدخلت كلمة ((أو)) في الحد، وهو غير جائز لأنها للترديد، والحد للإيضاح وبينهما مباينة.
والجواب: قوله: ((الحل والحرمة من صفات الأفعال)).
قلنا: لا نسلم؛ فإن عندنا: لا معنى لكون الفعل حلالا إلا مجرد كونه مقولا فيه: ((رفعت الحرج عن فاعله)) ولا معنى لكونه حراما إلا كونه مقولا فيه: ((لو فعلته لعاقبتك))) فحكم الله تعالى هو قوله، والفعل متعلق القول، وليس لمتعلق القول من القول صفة، وإلا، لحصل للمعدوم صفة ثبوتية بكونه مذكورا، ومخبرا عنه، ومسمى بالاسم المخصوص.
قوله:((إنا نقول: هذه المرأة حلت لزيد، بعدما لم تكن كذلك))
قلنا: حكم الله تعالى هو قوله في الأزل: ((أذنت للرجل الفلاني حين وجوده في كذا)) فحكمه قديم، ومتعلق حكمه محدث.